سمعه وبصره لو ينادى من مسافة فرسخ أو فرسخين لم يمكنه سماع ناداه من ناداه فكيف يسمع ميت من مسافة شهر أو دون ذلك أو أكثر وقد ذهبت قوته وفارقته روحه وبطلت حواسه هذا من أعظم ما تحيله العقول وتنكره الفطر وفي كتاب الله عز وجل ما يبطله قال الله تعالى: {ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ*إِنْ تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} فاخبر الخبير جل وعلا أن سماعهم ممتنع واستجابتهم لمن دعاهم ممتنعة فهؤلاء المشركون لما استغرقوا في الشرك ونشأوا عليه أتوا في أقولهم: بالمستحيل ولم يصدقوا الخبير في أخباره وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ*أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} فذكر تعالى أنهم أموات دليل على بطلان دعوتهم وكذلك عدم شعورهم يبين تعالى بهذا جهل المشرك وضلاله فأحق عز وجل في كتابه الحق وأبطل الباطل ولو كره المشركون لكن هؤلاء لما عظم شركهم نزلوا الأموات في علم الغيب منزلة علام الغيوب الذي يعلم خائنة إلا عين وما تخفي الصدور وشبهوهم برب العالمين سبحانه وتعالى عما يشركون قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ*وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ} وليس عند هؤلاء الملاحدة ما يصدون به العامة عن أدلة الكتاب والسنة التي فيها النهي عن الشرك في العبادة إلا قولهم: قال أحمد بن حجر الهيشمي: قال: فلان وقال فلان: يجوز التوسل بالصالحين ونحو ذلك من العبارات الفاسدة.
فنقول: هذا أمثاله ليس بحجة تنفع عند الله وتخلصهم من عذابه بلى الحجة ما في كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه وما أجمع عليه سلف الأمة أئمتها وما أحسن ما قال الإمام مالك رحمه الله: أو كلما جاءنا أجدل من رجل نترك ما نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم لجدله. إذا عرف ذلك فالتوسل يطلق على شيئين فإن كان ابن حجر وأمثاله أرادوا سؤال الله بالرجل الصالح في غيابه أو بعد وفاته فهذا ليس في الشريعة ما يدل على جوازه ولو جاز لما ترك