أي: رجع قال الله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14] قال العلماء وهذا وعبد شديد إذا لم يكن خصومهم كذلك.
والكلام إنما هو على أفعال وأقول تناقض الإسلام فإن للإسلام نواقض مذكورة في كتب الفقه لأرباب المذاهب الأربعة وغيرهم فمن وقع في شيء منها حكموا بردته إلا أن يتوب ويراجع الحق فإن تاب توبة نصوحا وهي التي استكملت شروط التوبة له[1] فان الله تعالى يقبل توبة التائبين إذا صحت منهم وظهر منهم[2] من صالح الأقوال والأعمال والأحوال ما يدل على ذلك كما قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:146] .
فإذا حصلت هذه الأمور الأربعة ظاهر وباطنا فدلت الآية على أن هذا[3] لا يكون مقدما على أحد من المسلمين ولا يتولى شيئا من أعماهم ولو صحت توبته بشروطها المذكورة في الآية.
وأما من لم يعرف له توبة صحيحة فالواجب أن يعامل معاملة أمثاله من المنافقين بالإعراض عنه وجهاده على ما يقع منه لأن الله تعالى ميز عباده بالفتن كما قال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:[3]] .
وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [التوبة:16] وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج:11] .
وهذا الضرب من الناس ينبغي أن ينزلوا منازلهم التي أنزلهم الله كما قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم:35] فإذا كانوا قد أتوا شيئا من المكفرات قولا أو عملا أو ارتكبوا بدعة ولم يتوبوا توبة نصوحا فيجب على كل مسلم أن يبغضهم على ذلك كما ورد في الحديث "أوثق عرى:
1 "ط": له ساقطة.
2 "ط": منهم. ساقطة.
3 "ط": أنه.