المنافي لهذا التوحيد وأفصح عن كفر فاعله وأسجل عليه بالوعيد الشديد فقال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} إلى قوله: {وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5-6] وقال تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر:14] .
وقال تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس:106] وقال تعالى: {فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214,213] وقال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117] .
وقال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأعراف: 37] وقوله: {ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً} [غافر: 74,73] وغير ذلك من الآيات.
فأي بيان أوضح من هذا في تعريف الشرك الذي حرمه الله وأخبر أنه لا يغفره وهذا لا يختص بالدعاء بل كل نوع من أنواع العبادة صرفه لغير الله شرك عظيم.
والتحقيق أن الدعاء نوعان: دعاء مسألة, ودعاء وعبادة. وكلا النوعين لا يجوز[1] إلا الله وصرفه لغير الله شرك ما سبق بيانه في الآيات المحكمات كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162] والصلاة هنا: تشمل الصلاة الشرعية واللغوية التي هي الدعاء كما هو مذكور في كتب التفسير.
وفي حديث ابن عباس "وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله"[2] وفيه معنى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
1 "ط": لا يجوز صرفه. [2] قطعة من حديث أخرجه الترمذي في الجامع رقم 2518 وقال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه أحمد في المسند 1/307,303,293. وأفرده الحافظ ابن رجب برسالة قيمة سماها=
نر الاقتباس من مشكات وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس مطبوعة ولدي منه نسخة خطية جيدة كما شرحه ضمن كتابه الحافل جامع العلوم والحكم ص 132.