اسم الکتاب : المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها المؤلف : عواجي، غالب بن علي الجزء : 2 صفحة : 1149
إن العلم والدين يلتقيان في أمور كثيرة, وكلاهما يسيران في اتجاه واحد, ويعززان قوة الانسجام مع القوانين الكونية وكشف حجب الحقائق كما هي, وفق طريقين متكاملين: طريق يشرعه الله, وطريق يجتهد فيه العقل على ضوء الشرع, كما أرشده الله تعالى إلى ذلك، وإذا كان ما ردده البعض من وجود التضاد بين العلم والدين بسبب سلك رجال الدين في النصرانية وطغيانهم, وموقف بعض رجال العلم أيضًا من الثورة على كل شيء يتعلق بالدين عن جهل منهم, وبغضاء لكل دين, فلا يجوز أن يكون هذا الحال سببًا للتحريش بين العلم والدين والتنافر بينهما {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [1].
لقد نشأ العلم في محض أبيه الدين[2]، ولقد مرَّت بالبشر حضارات تلو حضارات, والتمسك بالدين والالتجاء إلى الإله العظيم خالق هذا الكون هو شعارهم ومصدر اعتقادهم قبل أن توجد موجة الإلحاد الحديث الذي أفرزته المظالم والاستعباد الكنسيّ للبشر على أيدي رجال الدين الكنسي وغيرهم ممن استغلَّ الدين لاستعباد الآخرين, فجاء الرد عارمًا لم يفرق بين الثرى والثريا, وغير عابئ بما مضت عليه القرون والأجيال التي لم تجد أيّ تضاد بين العلم والدين على مدى تلك السنين الطوال قبل ظهور شياطين الماركسية الحاقدة, ومما يذكره التاريخ الإسلامي أن رجالًا بلغوا القمَّة في الاكتشافات العلمية دون أن يحسوا بأي تصادم مع الدين، بل كان الأمر على العكس, كانوا يحسون أن اكتشافاتهم لم يهتدوا إليها إلّا من [1] سورة الأنعام الآية: 152. [2] لا نزاع بين العلم والدين ص13.
اسم الکتاب : المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها المؤلف : عواجي، غالب بن علي الجزء : 2 صفحة : 1149