اسم الکتاب : القول المفيد على كتاب التوحيد المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 445
.......................................................................
وقال بعض العلماء: المراد ب "لا تجعلوا بيوتكم قبورا "; أي: لا تجعلوها مثل القبور، أي: المقبرة لا تصلون فيها، وذلك لأنه من المتقرر عندهم أن المقابر لا يصلى فيها، وأيدوا هذا التفسير بأنه سبقها جملة في بعض الطرق: " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها قبورا "[1] وهذا يدل على أن المراد: لا تدعوا الصلاة فيها.
وكلا المعنيين صحيح; فلا يجوز أن يدفن الإنسان في بيته، بل يدفن مع المسلمين; لأن هذه هي العادة المتبعة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، ولأنه إذا دفن في بيته; فإنه ربما يكون وسيلة إلى الشرك، فربما يعظم هذا المكان، ولأنه يحرم من دعوات المسلمين الذين يدعون بالمغفرة لأموات المسلمين عند زيارتهم للمقابر، ولأنه يضيق على الورثة من بعده فيسأمون منه، وربما يستوحشون منه، وإذا باعوه لا يساوي إلا شيئا قليلا، ولأنه قد يحدث عنده من الصخب واللعب واللغو والأفعال المحرمة ما يتنافى مع مقصود الشارع; فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " زوروا القبور; فإنها تذكركم الآخرة "[2].
وأما أن المعنى: لا تجعلوها قبورا; أي: مثل القبور في عدم الصلاة فيها; فهو دليل على أنه ينبغي إن لم نقل: يجب أن يجعل الإنسان من صلاته في بيته ولا يخليه من الصلاة. وفيه أيضا: أنه من المتقرر عندهم أن المقبرة لا يصلى فيها.
إذن; فيكون هذا النهي عن ترك الصلاة في البيوت لئلا تشبه المقابر; فيكون فيه دليل واضح على أن المقابر ليست محلا للصلاة، وهذا هو [1] البخاري: الشهادات (2679) والمناقب (3836) والأدب (6108) والأيمان والنذور (6646) والتوحيد (7401) , ومسلم: الأيمان (1646) , والترمذي: النذور والأيمان (1534) , والنسائي: الأيمان والنذور (3764) , وأبو داود: الأيمان والنذور (3249) , وأحمد (2/11 ,2/17 ,2/20 ,2/76 ,2/98 ,2/142) , ومالك: النذور والأيمان (1037) , والدارمي: النذور والأيمان (2341) . [2] سبق (ص 431) .
اسم الکتاب : القول المفيد على كتاب التوحيد المؤلف : ابن عثيمين الجزء : 1 صفحة : 445