الرحمن، أنسجد لما تأمرنا؟ إنكاراً منهم لهذا الاسم، كأنَّه كان محالاً عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته أو كأنَّه لم يتل من كتاب قول {الذِينَءَاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ} يعني محمداً، {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمْ} [1]، وهم مع ذلك به مكذبون ولنبوته جاحدون فيعلم بذلك أنَّهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته واستحكمت لديهم معرفته ... "[2]، ثم أورد البيتين السابقين.
وقال ابن كثير: "وقد زعم بعضهم أنَّ العرب لا تعرف الرحمن حتى ردَّ الله عليهم ذلك بقوله: {قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَآءُ الحُسْنَى} [3]، ولهذا قال كفار قريش يوم الحديبية لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: اكتب: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، فقالوا: "لا نعرف الرحمن ولا الرحيم"، رواه البخاري، وفي بعض الروايات: لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً} [4].
والظاهر أنَّ إنكارهم هذا إنما هو جحود وعناد وتعنت في كفرهم، فإنَّه قد وجد في أشعارهم في الجاهلية تسمية الله تعالى بالرحمن…"[5].
قلت: والكاتب ليس ينكر معرفة المشركين ب "الرحمن" فيكون من [1] سورة البقرة، الآية 146. [2] تفسير ابن جرير (1/57، 58) . [3] سورة الإسراء، الآية 110. [4] سورة الفرقان، الآية 60. [5] تفسير ابن كثير (1/36) .