اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 69
ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف [1] . [1] العناية التي بذلها عظيما الإسلام أبو بكر وعمر، وأتمها أخوهما وصنوهما ذو النورين عثمان في جمع القرآن وتثبيته وتوحيد رسمه، كان لهم بها أعظم المنة على المسلمين، وبها حقق الله وعده في قوله سبحانه إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ. وقد تولى الخلافة بعد هؤلاء الشيوخ الثلاثة أمير المؤمنين علي فأمضى عملهم وأقر مصحف عثمان برسومه وتلاوته، في جميع أمصار ولايته، وبذلك انعقد إجماع المسلمين في الصدر الأول على أن ما قام به أبو بكر وعمر وعثمان هو أعظم حسناتهم، بل نقل بعض علماء الشيعة هذا الإجماع على لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. جاء في كتاب تاريخ القرآن لأبي عبد الله الزنجاني (ص46) من شيعة عصرنا أن علي بن موسى المعروف بابن طاوس (589 - 664) وهو من علمائهم نقل في كتابه (سعد السعود) عن الشهرستاني في مقدمة تفسيره عن سويد بن غفلة [هو أبو أمية الجعفي الكوفي. قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفنه صلى الله عليه وسلم وشهد اليرموك. يروي عن أبي بكر وعمر وعلي وعثمان. ويروي عنه النخعي والشعبي وعبدة بن أبي لبابة. ثقة. مات سنة 80 وقيل 81 عن مائة وثلاثين سنة.] قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: " أيها الناس، الله، الله، إياكم والغلو في أمر عثمان وقولكم حرّاق المصاحف، فوالله ما حرقها إلا عن ملأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، جمعنا وقال: ما تقولون في هذه القراءة التي اختلف الناس فيها. يلقى الرجل فيقول: قراءتي خير من قراءتك. وهذا يجر إلى الكفر؟ فقلنا: ما الرأي؟ قال: أريد أن أجمع الناس على مصحف واحد، فإنكم إن اختلفتم اليوم كان من بعدكم أشد اختلافا. فقلنا: نِعم ما رأيت ". ومما لا ريب فيه أن البغاة أنفسهم كانوا في خلافة علي - رضي الله عنه - يقرءون في مصاحف عثمان التي أجمع عليها الصحابة وعلي فيهم. ولكن نجم لهم أذناب في العصور التالية فضحوا أنفسهم بسخفهم وكفرهم، كشيطان الطاق محمد بن جعفر الرافضي فيما رواه الإمام ابن حزم في (الفِصَل) 4: 181 عن الجاحظ قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم النظام وبشر بن خالد أنهما قالا لمحمد بن جعفر الرافضي المعروف بشيطان الطاق: ويحك، أما استحييت من الله أن تقول في كتابك في الإمامة: إن الله تعالى لم يقل قط في القرآن (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) ؟ قالا: فضحك والله شيطان الطاق ضحكا طويلا حتى كأنا نحن الذين أذنبنا. وشيطان الطاق هذا أكبر دعاة الشيعة في زمن الإمامين زيد وابن أخيه جعفر الصادق، وهو الذي ابتدع أكذوبة أن الإمامة معهود بها إلى أشخاص بأعيانهم، ولم يكن أحد يقول بذلك قبل شيطان الطاق هذا. وأنكرها عليه الإمام زيد في مجلس جعفر.
ودعوى الرافضة بتبديل القرآن، مع تصريح علي بإجماع الصحابة على ما قام به عثمان، صارت مادة دسمة لدعاة النصارى يحتجون بها، فقال لهم الإمام ابن حزم في الفصل (2: 78) : " إن الروافض ليسوا من المسلمين. . . وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر ". قلت: وآخر من افتضح منهم بهذا الأمر وفضح به الشيعة جميعا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي بكتابه الذي اقترفه في المشهد المنسوب لأمير المؤمنين علي في النجف سنة 1292 وطبع في إيران سنة 1298 وعندي نسخة منه. وإن من طبيعة التحزب والتعصب والتشيع أن يذهب بعقول أصحابه وأخلاقهم ثم يذهب بحيائهم ودينهم، كما برهن على ذلك علماء علم النفس الاجتماعي وفي مقدمتهم الدكتور غوستاف لبون.
اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 69