اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 37
[قاصمة الظهر]
[وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ووقعها في نفوس الصحابة] قاصمة الظهر بعد أن استأثر الله بنبيه صلى الله عليه وسلم ـ وقد أكمل له ولنا دينه، وأتم عليه وعلينا نعمته، كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] وما من شيء في الدنيا يكمل إلا وجاءه النقصان، ليكون الكمال الذي يراد به وجه الله خاصة، وذلك العمل الصالح والدار الآخرة، فهي دار الله الكاملة. قال أنس: " ما نفضنا أيدينا من تراب قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنكرنا قلوبنا " [1] .
واضطربت الحال، ثم تدارك الله الإسلام ببيعة أبي بكر، فكان موت النبي صلى الله عليه وسلم (قاصمة الظهر) ومصيبة العمر:
[استخفاء علي وإهجار عمر]
فأما علي فاستخفى في بيته مع فاطمة [2] . [1] في مطبوعة الجزائر " نفوسنا " والمروي في الحديث " قلوبنا" من وجوه متعددة أشار إليها الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (5: 273 ـ 274) أحدها للإمام أحمد عن أنس: (لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء: قال: وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا) وهكذا رواه الترمذي، وابن ماجه. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب. قال ابن كثير: وإسناده صحيح على شرط الصحيحين. [2] لأن فاطمة وجدت على أبي بكر لما أصر على العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا نورث، ما تركناه صدقة) وسيأتي تفصيل ذلك في ص 48 ـ 50، فعاشت فاطمة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر معتزلة في بيتها ومعها علي كرم الله وجهه قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (6: 333) : فلما مرضت جاءها الصديق فدخل عليها فجعل يترضاها فرضيت. رواه البيهقي من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي ثم قال. وهذا مرسل حسن بإسناد صحيح. وقال البخاري (ك 64 ب 38 ج 5 ص 82 - 83) من حديث عروة عن عائشة: " فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها، وكان لعلي من الناس وجه في حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته. . . إلخ ". وبيعة علي هذه هي الثانية بعد بيعته الأولى في سقيفة بني ساعدة. وأضاف الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (5: 249) أن عليا لم ينقطع عن صلاة من الصلوات خلف الصديق، وخرج معه إلى ذي القصة لما خرج الصديق شاهرا سيفه يريد قتال أهل الردة.
ويحتمل أن يكون مراد المؤلف باستخفاء علي ما كان منه ومن الزبير قبيل الاجتماع في سقيفة بني ساعدة، وقد أشار عمر بن الخطاب إلى ذلك في خطبته الكبرى التي خطبها في المدينة في عقب ذي الحجة بعد آخر حجة حجها عمر، وهذه الخطبة في مسند الإمام أحمد (1: 55 الطبعة الأولى - ج 1 رقم 391 الطبعة الثانية) من حديث ابن عباس.
اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 37