اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 243
الناس في أيام عمر [1] وكل واحد من الصحابة كان أعقل من زياد وأعلم منه ولهذا كل من كمل عقله أكثر من الآخر فهو أولى أن يختلط مع الناس. ويقولون: كان داهية، وهي كلمة واهية. الدهاء والأرب هو المعرفة بالمعاني، والاستدلال علي العواقب بالمبادي وكل أحد من الصحابة والتابعين فوق زياد وتلك الروايات التي يروي المؤرخون - من كذبهم - في حيل الحرب والفتك بالناس، كل أحد اليوم يقدر على مثلها وأكثر منها، والحيلة إنما تكون بديعة وتنثى وتروى إذا وافقت الدين، وأما كل حكاية تخالف الدين فليس في روايتها خير ولا عقل. وكل الناس كما قدمنا - وخذ من ولاة بني أمية خاصة - أعقل من زياد وأفصح منه. فلا تلتفتوا إلي ما روي من الأباطيل.
[نكتة الولايات والعزلات لها معان وحقائق لا يعلمها كثير من الناس] نكتة الولايات والعزلات لها معان وحقائق لا يعلمها كثير من الناس. لقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات عن زهاء اثني عشر ألفا من الصحابة معلومين. منهم ألفان أو نحوهما مشاهير في الجلالة، ولى منهم أبو بكر سعدا وأبا عبيدة ويزيد وخالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل ونفرا غيرهم فوقهم، وولى أنس بن مالك ابن عشرين سنة علي البحرين اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في عتاب [2] . ومتى كان استوفى المشيخة حتى يأخذ الشبان. وولى عمر أيضا كذلك، وبادر بعزل خالد. وذلك كله لفقه عظيم ومعارف بديعة بيانها في موضعها من كتب الإمامة [1] لأنه كان لما دخل على عمر في السابعة عشرة من عمره على ما نقله البخاري في تاريخه الأوسط عن يونس بن حبيب عن آل زياد. [2] عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية (انظر ص 234) .
اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 243