اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 24
من نمط هؤلاء الأجلاء منهم من ذكر مترجمو ابن العربي أسماءهم ومنهم من لم يسموهم لكثرتهم أو لأنهم من تلاميذه المتأخرين في الزمن عندما بلغ هذا الأمام سن الشيخوخة. ولعل من هؤلاء راوي كتابه (العواصم من القواصم) صالح بن عبد الملك بن سعيد الذي ذكر في أول الكتاب أنه قرأه على ابن العربي. وقد قلنا إن أبا بكر بن العربي كان بعد عودته من المشرق إلى الأندلس جامعة يصدر عنها العلم إلى كل معاصر له ممن يستطيع لقاءه، فهو مربي الجيل الذي عاش معه في تلك الديار. قال مترجموه: بقي ابن العربي يفتي ويدرس أربعين سنة، وقبل أن يتولى القضاء صدر له التقليد من السلطات الرسمية بأن يتولى منصب المشاور للقضاء، وهو منصب رفيع يصدر به ما يسمى الآن في الديار المصرية (مرسوما) وما يسمى في المغرب (ظهيرا) ومن نماذج مرسوم هذا المنصب ما تراه في هامش ص89 من كتاب (غابر الأندلس وحاضرها) للأستاذ محمد كرد علي وفي هامش (01، 162) من (شجرة النور الزكية) لمخلوف. وكان لا يباح للعالم في الأندلس أن يفتي إلا إذا استظهر (الموطأ) و (المدونة) أو عشرة آلاف حديث، ويتميز حينئذ بلبس القلنسوة ويقال له المقلس.
ولما كنت حلقة ابن العربي تخرج علماء الجيل، كانت مملكة على بن يوسف بن تاشفين تزداد اتساعا واستفحالا بما كان يستحلفه من بلاد ملوك الطوائف، وبما استرده أو فتحه من الأسبانيين. وكان الوالي على شرق الأندلس وجنوبها لعلي بن يوسف بن تاشفين أخوه تميم بن يوسف، وفي سنة 513 انتعش الأسبانيون وأخذوا في إزعاج البلاد الإسلامية فجاز علي بن يوسف بن تاشفين من المغرب إلى الأندلس وقاتلهم وانتصر عليهم وعاد سنة 515، فاستمرت الحال على ذلك إلى أن توفي تميم بن يوسف سنة 520، فولى علي بن يوسف بن تاشفين على الأندلس ابنه تاشفين بن علي، وفي هذا الدور كان ابن العربي قد بلغ القمة في مكانته العلمية بما ظهر من مؤلفاته العظيمة، وما
اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 24