responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 128
كتب فينا بكذا؟ وقد أحل الله دمه، قالوا له: فقم معنا إليه، قال: والله لا أقوم معكم، قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم، فنظر بعضهم إلى بعض [1] وخرج علي من المدينة.

[1] الطبري (5: 108) . وهذا الحوار بين علي والثوار مجمع عليه في كل الروايات وهو نص قاطع على أن اليد التي زورت الكتاب على عثمان وبعثت إلى العراقيين تخبرهم بذلك وتطلب منهم أن يعودوا إلى المدينة، هي اليد التي زورت على علي كتابًا إلى الثوار العراقيين بأن يعودوا. وقد قلنا في ص 125 أن الثوار فريقان - خادع ومخدوع - فالذين نظر بعضهم إلى بعض عندما حلف علي بأنه لم يكتب إليهم هم من الفريق المخدوع يتعجب كيف لم يكتب علي إليهم وقد جاءهم كتابه. ومن ذا الذي يكون قد كتب الكتاب على لسانه إذا لم يكن هو الذي كتبه؟ وسيأتي في ص 136 أن مسروق بن الأجدع الهمداني - وهو من الأئمة الأعلام المقتدى بهم - عاتب أم المؤمنين عائشة بأنها كتبت إلى الناس تأمرهم بالخروج على عثمان، فأقسمت له بالذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون أنها ما كتبت إليهم سوادًا في بياض. قال سليمان بن مهران الأعمش - أحد الأئمة الأعلام الحفاظ -: ((فكانوا يرون أنه كتب على لسانها)) . أيها المسلمون في هذا العصر وفي كل عصر، إن الأيدي المجرمة التي زورت الرسائل الكاذبة على لسان عائشة وعلي وطلحة والزبير هي التي رتبت هذا الفساد كله، وهي التي طبخت الفتنة من أولها إلى آخرها، وهي التي زورت الرسالة المزعومة على لسان أمير المؤمنين عثمان إلى عامله في مصر في الوقت الذي كان يعلم فيه أنه لم يكن له عامل في مصر، وقد زورت هذه الرسالة على لسان عثمان بالقلم الذي زورت به رسالة أخرى على لسان علي، كل ذلك ليرتد الثوار إلى المدينة بعد أن اقتنعوا بسلامة موقف خليفتهم، وأن ما كان قد أشيع عنه كذب كله، وأنه كان يتصرف في كل أمر بما كان يراه حقًا وخيرًا.
ولم يكن صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم المبشر منه بالشهادة والجنة هو المجني عليه وحده بهذه المؤامرة السبئية الفاجرة، بل الإسلام نفسه كان مجنيًا عليه قبل ذلك. والأجيال الإسلامية التي تلقت تاريخ ماضيها الطاهر الناصع مشوهًا ومحرفًا هي كذلك ممن جنى عليهم ذلك اليهودي الخبيث، والمنقادون له بخطام الأهواء والشهوات.
اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 128
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست