اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 108
كان لا يرى على عبيد الله حقا، لما ثبت عنده من حال الهرمزان وفعله [1] وأيضا فإن أحدا لم يقم بطلبه. وكيف يصح مع هذه الاحتمالات كلها أن ينظر في أمر لم يصح؟ . [1] وكذلك حبر الأمة عبد الله بن عباس رأى جواز قتل علوج الفرس الذين في المدينة بلا استثناء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (3: 200) : وقد قال عبد الله بن عباس لما طعن عمر - وقال له عمر: كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة - فقال (أي ابن عباس) : " إن شئت أن نقتلهم " فقال عمر: " كذبت، أفبعد أن تكلموا بلسانكم، وصلوا إلى قبلتكم؟ ". قال ابن تيمية: فهذا ابن عباس - وهو أفقه من عبيد الله بن عمر وأدين وأفضل بكثير - يستأذن عمر في قتل علوج الفرس مطلقا الذين كانوا بالمدينة، لما اتهموهم بالفساد، اعتقد جواز مثل هذا. . . وإذا كان الهرمزان ممن أعان على قتل عمر كان من المفسدين في الأرض المحاربين فيجب قتله لذلك. ولو قدر أن المقتول معصوم الدم يحرم قتله، لكن كان القاتل متأولا ويعتقد حل قتله لشبهة ظاهرة، صار ذلك شبهة تدرأ عن القاتل (يعني عن عبيد الله بن عمر) قلت: وإلى هذا ذهب عثمان في اكتفائه بالدية واحتملها من ماله الخاص. ولو أن حادث مقتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - بجميع ظروفه - وقع مثله في أي بلد آخر مهما بلغ في ذروة الحضارة لما كان منهم مثل الذي كان من الصحابة في تسامحهم إلى حد المطالبة حتى بقتل ابن أمير المؤمنين المقتول بيد الغدر والنذالة والبغي الذميم.
اسم الکتاب : العواصم من القواصم - ط الأوقاف السعودية المؤلف : ابن العربي الجزء : 1 صفحة : 108