اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 67
فشكوا في القرآن، وقالوا: هذا تلبيس ينقض بعضها بعضًا[1].
نقول: هذا بدء خلق آدم، خلقه الله أول بدء من تراب، ثم من طينة حمراء وسوداء وبيضاء، ومن طينة طيبة وسبخة، فكذلك ذريته طيب، وخبيث، أسود وأحمر وأبيض[2]. ثم بلَّ ذلك التراب فصار طينًا، فذلك قوله: "من طين" فلما لصق الطين بعضه ببعض، فصار طينًا لازبًا، بمعنى لاصقًا، ثم قال: {مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} .
يقول: مثل الطين إذا عصر انسل من بين الأصابع، ثم نتن فصار حمأ مسنونًا، فخلق من الحمأ، فلما جفَّ صار صلصالاً كالفخار، يقول: صار له صلصلة كصلصلة الفخار، له دوي كدوي الفخار. [1] قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26] الآية.
ظاهر هذه الآية أن آدم خلق من صلصال: أي طين يابس.
وقد جاء في آيات أخر ما يدل على خلاف ذلك كقوله تعالى: {مِنْ طِينٍ لازِبٍ} [الصافات: 11] وكقوله: {كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران: 59] .
الجواب: أنه ذكر أطوار ذلك التراب، فذكر طوره الأول بقوله: "من تراب"، ثم بل فصار طينًا لازبًا، ثم خُمِّر فصار حمأ مسنونًا، ثم يبس فصار صلصالاً كالفخار.
هذا واضح، والعلم عند الله تعالى. انظر: دفع إيهام الاضطراب "118/10". [2] عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود، وبين ذلك، والسهل والحزْن، والخبيث والطيب، وبين ذلك".
أخرجه أحمد "400/4، 406" وعبد بن حميد رقم "549" وأبو داود رقم "4693" والترمذي "2955" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم "1759" والسلسلة الصحيحة رقم "1630".
اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 67