اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 148
نفي اجتماع الله بالشياطين وتنزيهه عن مجامعة الخبث والجنس
وقلنا لهم: أليس تعلمون أن إبليس [مكانه مكان، ومكان الشياطين مكانهم مكان] [1] فلم يكن الله ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد[2].
وإنما معنى قول الله جل ثناؤه: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} [الأنعام:3] . . [1] ما بين المعكوفين في نسخة الدكتور عميرة ونسخة الشيخ الأنصاري: "أن إبليس كان مكانه والشياطين مكانهم" والمثبت من بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية "544/2". [2] قال ابن تيمية -رحمه الله- في "بيان تلبيس الجهمية" "544/2":
هذا التنزيه عن مجامعة الخبيث والنجس من الأحياء نظير التنزيه عن مجامعة الخبيث النجس من الجمادات، ولهذا نُهي عن الصلاة في المواطن التي تسكنها الشياطين كالحمام والحش وأعطان الإبل ونحو ذلك، وإن كان المكان ليس فيه من النجاسات الجامدة شيء، بل أرواث الإبل طاهرة، بل قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح من غير وجه أنه ذكر أن الكلب يقطع الصلاة، وخصه في الحديث الصحيح بالأسود، وقال: "إنه شيطان" لما سئل عن الفرق بين الأحمر والأبيض والأسود، فقال: "الأسود شيطان".
وقد ذكر شيخ الإسلام أن شيطان الجن يقطع الصلاة وأنه ملعون رجيم، وأن الشياطين ترجم بالشهب لئلا تسترق السمع وأمر سبحانه عباده بالاستعاذة من الشيطان.
ثم قال رحمه الله في "545/2":
فإذا كان ملعونًا مبعدًا مطرودًا عن أن يجتمع بملائكة الله أو يسمع منهم ما يتكلمون به من الوحي، فمن المعلوم أن بعده عن الله أعظم وتنزه الله وتقدسه عن قرب الشياطين فإذا كان كثير من الأمكنة مملوءًا، وكان تعالى في كل مكان كان الشياطين قريبين منه غير مبعدين عنه ولا مطرودين، بل كانوا متمكنين من سمع كلامه منه دع الملائكة وهذا يعلم بالاضطرار وجوب تنزه الله وتقديسه عنه أعظم من تنزيه الملائكة والأنبياء والصالحين وكلامه الذي يبلغه هؤلاء ومواضع عباداته، فإن نفسه أحق بالتنزيه والتقديس عن جميع هذه الأعيان المخلوقة ومن كلامه الذي يتلوه هؤلاء.
اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 148