اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 139
قلنا: وكذلك بنو آدم كلامهم مخلوق، فقد شبهتم الله بخلقه حين زعمتم أن كلامه مخلوق، ففي مذهبكم قد كان في وقت من الأوقات لا يتكلم حتى خلق الكلام، وكذلك بنو آدم كانوا لا يتكلمون حتى خلق الله لهم كلامًا، وقد جمعتم بين كفر وتشبيه. وتعالى الله عن هذه الصفة، بل نقول: إن الله لم يزل متكلمًا إذا شاء ولا نقول: إنه كان ولا يتكلم حتى خلق الكلام. ولا نقول: إنه قد كان لا يعلم حتى خلق علمًا فعلم، ولا نقول: إنه قد كان ولا قدرة له حتى خلق لنفسه القدرة، ولا نقول: إنه كان قد كان ولا نور له حتى خلق لنفسه نورًا، ولا نقول: إنه قد كان ولا عظمة له حتى خلقه لنفسه عظمة[1]. [1] إلى هنا انتهى نقل ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل "378/1" ثم قال رحمه الله: فقد بَيَّن أحمد في هذا الكلام الإنكار على النفاة الذين شبهوه بالجمادات التي لا تتكلم ولا تتحرك ولا تزول من مكان إلى مكان، مثل الأصنام المعبودة من دون الله، والإنكار على من زعم أنه كان في وقت من الأوقات لا يتكلم حتى خلق الكلام، فشبهه بالآدمي الذي كان لا يتكلم حتى خلق الله له كلامًا، فأنكر تشبيهه الجماد الذي لا يتكلم، وبالإنسان الذي كان غير قادر على الكلام حتى خلق الله له الكلام، فكان قادرًا على الكلام في وقت دون وقت. وبين أن من وصف الله بذلك فقد جمع بين الكفر -حيث سلب ربه صفة الكلام، وهي من أعظم صفات الكمال، وجحد ما أخبرت به النصوص- وبين التشبيه.
ثم قال ابن تيمية رحمه الله "380/1":
ومن تدبر كلام أئمة السنة المشاهير في هذا الباب علم أنهم كانوا أدق الناس نظرًا، وأعلم الناس في هذا الباب بصحيح المنقول وصريح المعقول وأن أقوالهم هي الموافقة للمنصوص والمعقول ولهذا تأتلف ولا تختلف وتتوافق ولا تتناقض، والذين خالفوهم لم يفهموا حقيقة أقوال السلف والأئمة، فلم يعرفوا حقيقة =
اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 139