اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 121
الرد على الجهمية بتسمية القرآن محدثا
...
فزعم أن الله قال: القرآن محدث. وكل محدث مخلوق[1].
فلعمري، لقد شبه على الناس بهذا. وهي آية من المتشابه فقلنا في ذلك قولاً واستعنا بالله، ونظرنا في كتاب الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله[2]. [1] قال ابن كثير في تفسيره "182/3": محدث أي جديد إنزاله، كما قال ابن عباس: ما لكم تسألون أهل الكتاب عمّا بأيديهم وقد حرفوه وبدلوه وزادوا فيه ونقصوا منه، وكتابكم أحدث الكتب بالله تقرءونه محضًا لم يشب؟!. [2] قال ابن بطة في "الإبانة" "183/2-185": ثم إن الجهمي إذا بطلت حجته فيما ادعاه ادعى أمرًا آخر، فقال: أنا أجد في الكتاب آية تدل على أن القرآن مخلوق، فقثيل: أية آية هي؟
قال: قول الله عز وجل: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] .
أفلا ترون أن كل محدث مخلوق؟
فوهم على الضعفاء والأحداث وأهل الغباوة وموّه عليهم، فيقال له: إن الذي لم يزل به عالما لا يكون محدثًا، فعلمه أزلي كما أنه هو أزلي، وفعله مضمر في علمه، وإنما يكون محدثًا ما لم يكن به عالِمًا حتى علمه فيقول: إن الله -عز وجل- لم يزل عالِمًا بجميع ما في القرآن قبل أن ينزل القرآن، وقبل أن يأتي به جبريل وينزل به على محمد -صلى الله عليه وسلم- وقد قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] قبل أن يخلق آدم.
وقال: {إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34] .
يقول: كان إبليس في علم الله كافرًا قبل أن يخلقه، ثم أوحى بما قد كان علمه من جميع الأشياء.
وقد أخبرنا عز وجل عن القرآن، فقال: {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4] فنفى عنه أن يكون غير الوحي، وإنما معنى قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} أراد: محدثًا علمه وخبره وزجره وموعظته عند محمد -صلى الله عليه وسلم- وإنما أراد: أن علمك يا محمد ومعرفتك محدث بما أوحى إليك من القرآن، وإنما أراد: أن نزول القرآن عليك يحدث لك ولمن سمعه علم وذكر لم تكونوا تعلمونه.
ألم تسمع إلى قوله: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النساء: 113] وقال تعالى: =
اسم الکتاب : الرد على الجهمية والزنادقة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 121