اسم الکتاب : الحكم على الشيء فرع عن تصوره المؤلف : الجامي، محمد أمان الجزء : 1 صفحة : 265
(أولا) ذكر الشطي في مقدمة محاضرته أن المراد بالمسلمين جماعة معينة وليس مراده جميع المسلمين.
وفي أثناء المحاضرة انتقد هذا المفهوم وذمه عندما كان يتحدث عن شكري وأتباعه وجهيمان وأشياعه وتطرفهما، وهذا نوع من التناقض، لأن المفهوم الذي يذم إذا صدر من شكري وأمثاله يجب أن يذم إذا صدر من الشطي إن كان هناك إنصاف، والإنصاف من الإيمان. ومن الإنصاف أن تجر باء شكري كما تجر باء الشطي سواء بسواء، سلبا وإيجاباً.
(ثانيا) يدعو الشطي المسلمين إلى أن يتفرقوا أربع فرق بدعوى وجوب تقليد الأئمة الأربعة، وفي الوقت نفسه يزعم أن السلفيين الذين يسميهم (اللامذهبيين) هم الذين يفرقون صفوف المسلمين وهذا تناقض مشروع لا يحتاج إلى شرح. سامحه الله. وموقف السلفيين معروف، ودعوتهم واضحة لا غموض فيها، وهي تعني تجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن مصدر التلقي يجب أن يكون موحدا لجميع المسلمين، ألا وهو الوحي كتابا وسنة، مع احترام أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم والترحم عليهم والإعتراف بفضلهم، لأن الله تعالى حفظ الشريعة على أيديهم بعلمهم وتعليمهم وجهادهم ودعوتهم إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم مجتهدون فيما لا نص فيه وإن أصابوا فلهم أجران، أجر بذل المجهود وأجر الإصابة، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد وهو أجر الاجتهاد، لأنهم بمثابة الحكام والقضاة "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران فإن أخطأ فله أجر واحد" كما ثبت ذلك في السنة الصحيحة.
هذا موقف السلفيين من الأئمة، وتلكم دعوتهم واضحة لا لبس فيها ولا غموض ولا روغان. ومما يجدر التنبيه عليه هنا أن الأخ الشطي ليس وحيد دهره أو فريد عصره في دعوته إلى التقليد، بل له سلف في دعوته هذه بشكل أفظع، إذ يدعي بعض المتأخرين من المؤلفين أن تقليد أحد الأئمة الأربعة واجب وجوبا في الوقت الذي لا يجوز تقليد غيرهم من الأئمة، حيث يقول صاحب (جوهرة التوحيد) :
فواجب تقليد حبر منهم ... كذا حكى القول بلفظ يفهم
هذا ما قاله الناظم، وأما ما قاله الشارح- وهو إبراهيم البيجوري الشافعي- فهو أسوأ مما قاله الناظم، إذ زاد الطين بلة وأبعد النجعة وركب الصعب وقال شططا، وأعلن بذلك كله عن سوء تصوره لمسألة التقليد، حيث زعم أنه لا يجوز تقليد غير الأربعة ولو كان من أكابر الصحابة، هكذا بالحرف الواحد.
اسم الکتاب : الحكم على الشيء فرع عن تصوره المؤلف : الجامي، محمد أمان الجزء : 1 صفحة : 265