اسم الکتاب : الجواهر المضية المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 27
صالحين أنبياء وأولياء، أريد منهم الشفاعة عند الله، كما يشفع ذو الحاجة عند الملوك، وأريد منهم القربة إلى الله، فقل له: هذا مذهب الكفار بعينه، كما أخبر سبحانه بقوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [1] وقوله: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [2].
وقد ذكر أناسا يعبدون المسيح وعزيرا، فقال الله: هؤلاء عبيدي يرجون رحمتي كما ترجون، ويخافون عذابي كما تخافون، وأنزل الله -سبحانه-: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} [3] الآيتين، وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} [4] الآيتين.
والقرآن، بل والكتب السماوية من أولها إلى آخرها مصرحة ببطلان هذا الشرك وكفر أهله، وأنهم أعداء الله ورسوله، وأنهم أولياء الشيطان، وأنه سبحانه لا يغفر لهم ولا يقبل عملهم، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [5]. وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [6]. وقال تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [7]. قال ابن مسعود وابن عباس: لا تجعلوا له أكفاء من الرجال تطيعونهم في معصية الله.
وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت فقال: "أجعلتني لله ندا؟ قل: ما شاء لله وحده". وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أخوف ما أخاف عليكم: الشرك الأصغر. فسئل عنه فقال: الرياء" [8].
لم يتخلص من عبادة الأوثان إلا أتباع ملة إبراهيم عليه السلام
وبالجملة، فأكثر أهل الأرض مفتونون بعبادة الأصنام والأوثان، ولم يتخلص من ذلك إلا الحنفاء: أتباع ملة إبراهيم -عليه السلام-، وعبادتها في الأرض من قبل قوم نوح، كما ذكر الله، وهي كلها، ووقوفها وسدانتها وحجابتها، والكتب المصنفة في شرائع عبادتها طبقت الأرض، قال إمام الحنفاء: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ} [9]، كما قص الله ذلك عنهم في القرآن وأنجى الرسل وأتباعهم من الموحدين. وكفى في معرفة كثرتهم، وأنهم أكثر أهل الأرض ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن [1] سورة الزمر آية: 3. [2] سورة يونس آية: 18. [3] سورة الإسراء آية: 56. [4] سورة سبأ آية: 40. [5] سورة النساء آية: 48. [6] سورة الفرقان آية: 23. [7] سورة البقرة آية: 22. [8] أحمد (5/428) . [9] سورة إبراهيم آية: 35.
اسم الکتاب : الجواهر المضية المؤلف : محمد بن عبد الوهاب الجزء : 1 صفحة : 27