responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجموع البهية للعقيدة السلفية المؤلف : المنياوي، أبو المنذر    الجزء : 1  صفحة : 71
أَشْرَكَ بِاللَّهِ غَيْرَهُ أَيْ وَمَاتَ وَلَمْ يَتُبْ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ وَقَعَ فِي هَلَاكٍ، لَا خَلَاصَ مِنْهُ بِوَجْهٍ وَلَا نَجَاةَ مَعَهُ بِحَالٍ، لِأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِالَّذِي خَرَّ: أَيْ سَقَطَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، فَتَمَزَّقَتْ أَوْصَالُهُ، وَصَارَتِ الطَّيْرُ تَتَخَطَّفُهَا وَتَهْوِي بِهَا الرِّيحُ فَتُلْقِيهَا فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ: أَيْ مَحَلٍّ بَعِيدٍ لِشِدَّةِ هُبُوبِهَا بِأَوْصَالِهِ الْمُتَمَزِّقَةِ، وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُرْجَى لَهُ خَلَاصٌ وَلَا يُطْمَعُ لَهُ فِي نَجَاةٍ، فَهُوَ هَالِكٌ لَا مَحَالَةَ، لِأَنَّ مَنْ خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ لَا يَصِلُ الْأَرْضَ عَادَةً إِلَّا مُتَمَزِّقَ الْأَوْصَالِ، فَإِذَا خَطَفَتِ الطَّيْرُ أَوْصَالَهُ وَتَفَرَّقَ فِي حَوَاصِلِهَا، أَوْ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ بَعِيدٍ فَهَذَا هَلَاكٌ مُحَقَّقٌ لَا مَحِيدَ عَنْهُ.
وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ هَلَاكِ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ وَأَنَّهُ لَا يُرْجَى لَهُ خَلَاصٌ، جَاءَ مُوَضَّحًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ كَقَوْلِهِ: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ) . وَكَقَوْلِهِ: (قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) وَقَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَالْخَطْفُ: الْأَخْذُ بِسُرْعَةٍ. وَالسَّحِيقُ: الْبَعِيدُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ) أَيْ بُعْدًا لَهُمْ.
وَقَدْ دَلَّتْ آيَاتٌ أُخَرُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْهَلَاكِ الَّذِي لَا خَلَاصَ مِنْهُ بِحَالِ الْوَاقِعِ بِمَنْ يُشْرِكُ بِاللَّهِ، إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ الْإِشْرَاكِ، وَلَمْ يَتُبْ مِنْهُ قَبْلَ حُضُورِ الْمَوْتِ. أَمَّا مَنْ تَابَ مِنْ شِرْكِهِ قَبْلَ حُضُورِ الْمَوْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ.
وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ مُتَعَدِّدَةٌ كَقَوْلِهِ: (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ) وَقَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ) إِلَى قَوْلِهِ: (إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأولئك يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ) وَقَوْلِهِ فِي الَّذِينَ (قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ

اسم الکتاب : الجموع البهية للعقيدة السلفية المؤلف : المنياوي، أبو المنذر    الجزء : 1  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست