responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجموع البهية للعقيدة السلفية المؤلف : المنياوي، أبو المنذر    الجزء : 1  صفحة : 212
أَمَّا جُمْلَةً فَقَالُوا: إِنَّمَا الْوَتْرُ هُوَ اللَّهُ، لِلْحَدِيثِ: «إِنَّ اللَّهَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ» [1] ، وَمَا سِوَاهُ شَفْعٌ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} ، فَهَذَا شَمِلَ كُلَّ الْوُجُودِ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ، كَمَا فِي عُمُومِ
{فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ} .
أَمَّا التَّفْصِيلُ فَقَالُوا: الْمَخْلُوقَاتُ إِمَّا شَفْعٌ كَالْحَيَوَانَاتِ أَزْوَاجًا، وَالسَّمَاءِ. وَالْأَرْضِ، وَالْجَبَلِ، وَالْبَحْرِ، وَالنَّارِ، وَالْمَاءِ. وَهَكَذَا ذَكَرُوا لِكُلِّ شَيْءٍ مُقَابِلَهُ، وَمِنَ الْأَشْيَاءِ الْفَرْدُ كَالْهَوَاءِ وَكُلُّهَا مِنْ بَابِ الْأَمْثِلَةِ.
وَالْوَاقِعُ أَنَّ أَقْرَبَ الْأَقْوَالِ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ: أَنَّهُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِلْمِيًّا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ كَائِنٌ مَوْجُودٌ بِمَعْنَى الْوَتْرِ قَطُّ حَتَّى الْحَصَاةُ الصَّغِيرَةُ.
فَإِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ كُلَّ كَائِنٍ جَمَادٍ أَوْ غَيْرِهِ مُكَوَّنٌ مِنْ ذَرَّاتٍ وَالذَّرَّةُ لَهَا نَوَاةٌ وَمُحِيطٌ، وَبَيْنَهُمَا ارْتِبَاطٌ وَعَنْ طَرِيقِهِمَا التَّفْجِيرُ الَّذِي اكْتُشِفَ فِي هَذَا الْعَصْرِ، حَتَّى فِي أَدَقِّ عَالَمِ الصِّنَاعَةِ كَالْكَهْرُبَاءِ، فَإِنَّهَا مِنْ سَالِبٍ وَمُوجَبٍ، وَهَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ دَوْرَةٍ كَهْرُبَائِيَّةٍ لِلْحُصُولِ عَلَى النَّتِيجَةِ مِنْ أَيِّ جِهَازٍ كَانَ، حَتَّى الْمَاءُ الَّذِي كَانَ يُظَنُّ بِهِ الْبَسَاطَةُ فَهُوَ زوج وشفع من عنصرين، أكسجين وَهِدْرُوجِينْ، يَنْفَصِلَانِ إِذَا وَصَلَتْ دَرَجَةُ حَرَارَةِ الْمَاءِ إِلَى مِائَةٍ أَيْ الْغَلَيَانُ، وَيَتَآلَفَانِ إِذَا نَزَلَتِ الدَّرَجَةُ إِلَى حَدٍّ مُعَيَّنٍ فَيَتَاقَطَرَانِ مَاءً. وَهَكَذَا.
وَنَفْسُ الْهَوَاءِ عِدَّةُ غَازَاتٍ وَتَرَاكِيبَ، فَلَمْ يَبْقَ فِي الْكَوْنِ شَيْءٌ قَطُّ فَرْدًا وَتْرًا بِذَاتِهِ، إِلَّا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ «إِنَّ اللَّهَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرُ» [2] وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى معنى الْوتر فِيهِ مستغني بِذَاتِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَالْوَاحِدُ فِي ذَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ. فَصِفَاتُهُ كُلُّهَا وَتْرٌ كَالْعِلْمِ بِلَا جَهْلٍ وَالْحَيَاةِ بِلَا مَوْتٍ. إِلَخْ. بِخِلَافِ الْمَخْلُوقِ، وَقُلْنَا: الْمُسْتَغْنِي بِذَاتِهِ عَنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّ كُلَّ

[1] -أخرجه مُسْلِمٍ (4/2062) (2677) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مطولا بِهِ.
[2] - انْظُر التَّعْلِيق السَّابِق.
اسم الکتاب : الجموع البهية للعقيدة السلفية المؤلف : المنياوي، أبو المنذر    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست