responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب المؤلف : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 319
بقدر ذلك، وان كان في الظاهر أميراً لهم مدبراً لهم متصرفاً بهم، فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر، فالرجل الذي قد تعلق قلبه بامرأة ولو كانت مباحة له يبقى قلبه أسيراً لها تحكم فيه وتتصرف بما تريد وهو في الظاهر سيدها لأنه زوجها، وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها، لاسيما إذا علمت بفقره إليها وعشقه لها وأنه لا يعتاض عنها بغيرها، فإنها حينئذ تحتكم فيه حكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور الذي لا يستطيع الخلاص منه بل أعظم، فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن، لأن من استعبد بدنه واسترق وأسر لا يبالي إذا كان قلبه مستريحاً من ذلك مطمئناً بل يمكنه الاحتيال في الخلاص من ذلك، وأما استرقاق القلب واستعباده لغير الله فهو الذل والأسر والاسترقاق المحض، وما العبودية إلاَّ ما استعبد القلب واسترقه وأسره وهذا هو الذي يترتب عليه الثواب والعقاب، فإن المسلم لو أسره كافر أو استرقه فاجر بغير حق لم يضره ذلك مع قيامه بما يقدر عليه مما أمر به من الواجبات، ولهذا من استعبد بحق فأدى حق الله وحق مواليه فله أجران ولو أكره على الكفر تكلم به وقلبه مطمئن بالإيمان لم يضره ذلك، وهذا بخلاف ما استعبد قلبه لغير الله فصار رقيقاً له فهذا هو الضار في الدين المنقص عن درجة الموحدين وان كان ملك الناس ظاهر، فالحرية في هذا الباب حرية القلب والعبودية عبوديته، كما أن الغنى غنى القلب، وهذا إذا استعبدت صورة مباحة قلبه فكيف بالمحرمة كالمرأة الأجنبية أو الصبي الأمرد أو الدرهم أو الدينار المحرم فهذا هو العذاب الأليم دنيا ودينا، والعاشق لصورة إذا بقي قلبه متعلقاً بها واستعبدته رقيا لها اجتمع عليه من أنواع الشر والفساد ما لا يحصيه إلاَّ ربُّ العباد ولو سلم من فعل الفاحشة الكبرى فدوام تعلق القلب بها بلا فعلها أشد ضرراً ممن يفعل ذنباً، ثم يقلع عنه ويتوب منه ويزول من قلبه أثره، إذ تعلق القلب بالفواحش والظلم والشرك والكذب وابتغاء العلو في الأرض موجب لبقاء عبودية القلب لها ما بقي متعلقاً بها وهو رقيق أيضاً لمن يعينه عليها، وإن كان دونه رتبة والأمور الدنيوية نوعان:
منها ما يحتاج إليه العبد كاحتياجه إلى طعامه وشرابه ومسكنه ومنكحه ونحو ذلك فهذا يطلبه من الله ويرغب إليه فيه كما قال تعالى: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} ويكون المال عنده بهذا النوع يستعمله في حاجته بمنزلة دابته التي يركب عليها وبساطه الذي

اسم الکتاب : التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب المؤلف : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست