اسم الکتاب : التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب المؤلف : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 135
كان الإيمان يزول بزوال عمل القلب فغير مستنكر أن يزول بزوال أعظم عمل الجوارح، ولاسيما إذا كان ملزوماً لعدم محبة القلب وانقياده الذي هو ملزوم لعدم التصديق الجازم كما تقدم تقريره، فإنه يلزم من عدم طاعة الجوارح عدم طاعة القلب، إذ لو أطاع القلب وانقاد لأطاعته الجوارح وانقادت، ويلزم من عدم طاعة القلب وانقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة وهو حقيقة الإيمان فإنه ليس مجرد التصديق كما تقدم كلامنا فيه ودلائلنا عليه، وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة والانقياد، وهكذا الهدى ليس مجرد معرفة الحق وتثبيته، بل هو معرفة المستلزمة لإتباعه والعمل بموجبه، وان سمي الأول هدى فليس هو الهدى التام المستلزم للاهتداء، كما أن التصديق وان سمي تصديقاً فليس هو التصديق المستلزم للإيمان.
(الرابع قوله) : وههنا أصل آخر وهو ان الكفر نوعان: كفر عمل، وكفر جحود وعناد، فكفر الجحود أن يكفر بما علم ان الرسول جاء به من عند الله جحوداً وعناداً من أسماء الرب وصفاته وأفعاله وأحكام دينه وما جاءت به رسله، وهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه، وأما كفر العمل، فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده، فالأول: كالسجود للصنم والاستهانة بالمصحف وقتل النبي وسبه والاستهزاء بما جاء به والحكم بغير ما أنزل الله حيث كان فيه رد لنص حكم الله عياناً راضياً بذلك وترك الصلاة عناداً وبغياً.
الثاني: من أتى بمعصية لا تخرجه عن الإيمان بالكلية كالزاني والسارق وشارب الخمر ومن لا يأمن جاره بوائقه، لكن السجود لصنم والاستهانة بالمصحف وقتل النبي وسبه والاستهزاء بما جاء به عمل قلبي لظهوره مضاد للإيمان، وأما الحكم بغير ما أنزل الله وترك الصلاة فهو من الكفر العملي المحض قطعاً ولا يمكن ان ينفي عنه اسم الكفر بعد ان أطلقه الله ورسوله عليه بلا قرينة تقتضي انتفاءه عنه كما انتفت حقيقته عن مرتكب الكبيرة مع تسميته كافراً فالحكم بغير ما أنزل الله كافر وتارك الصلاة كافر بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن هو كفر عملي لا كفر اعتقادي ومن الممتنع أن الله سبحانه سمى الحاكم بغير ما أنزل الله كافراً وسمى رسوله تارك الصلاة كافراً ولا يطلق
اسم الکتاب : التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب المؤلف : آل الشيخ، سليمان بن عبد الله الجزء : 1 صفحة : 135