اسم الکتاب : التوسل في كتاب الله عز وجل المؤلف : عرقسوس، طلال بن مصطفى الجزء : 1 صفحة : 47
عطية العوفي: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} ، أي نقضي عليه، كأنه جعل ذلك بمعنى التقدير، فإن العرب تقول: قدر وقدّر بمعنى واحد، وقال الشاعر:
فلا عائد ذاك الزمان الذي مضى ... تباركت ما تقدر يكن ذلك الأمر
ومنه قوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [1] أي قدّر. {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [2] قال ابن مسعود: ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل[3]“ وهنالك دعا يونس عليه السلام قائلا {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} إنها دعوة تائب منيب إلى ربه، معترفٍ بخطئه، وقدّم بين يدي اعترافه بذنبه توحيد ربه بقوله {لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ} فهذا إقرار موقن بوحدانية ربه تبارك وتعالى، ثم قال {سُبْحَانَكَ} أي أنزهك وأقدسك عما لا يليق بجنابك وبعظمتك، وبعد هذا التوسل العظيم، قدم أيضا إقراره بخطئه قائلا: {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} أي الظالمين لأنفسهم بفعل ما لا ينبغي فعله، وإنه لتوسل من أعظم أنواع التوسلات، فكان أن أجاب الله عز وجل دعاءه، قال تعالى {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [4].
ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت
{لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [5] فإنه لم يدع بها مسلم ربه في [1] القمر: 12 [2] الأنبياء: 87. [3] تفسير ابن كثير 3/191-192 [4] الأنبياء: 88 [5] الأنبياء: 87
اسم الکتاب : التوسل في كتاب الله عز وجل المؤلف : عرقسوس، طلال بن مصطفى الجزء : 1 صفحة : 47