responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوحيد المؤلف : عبده، محمد    الجزء : 1  صفحة : 80
أَن تبرز فى جَسَد أَو روح أحد من الْعَالمين وَإِنَّمَا يخْتَص سُبْحَانَهُ من شَاءَ من عباده بِمَا شَاءَ من علم وسلطان على مَا يُرِيد أَن يُسَلِّطهُ عَلَيْهِ من الْأَعْمَال على سنة لَهُ فى ذَلِك سنّهَا فى علمه الأزلى الذى لَا يَعْتَرِيه التبديل وَلَا يدنو مِنْهُ التَّغْيِير وحظر على كل ذى عقل أَن يعْتَرف لأحد بشىء من ذَلِك إِلَّا ببرهان ينتهى فى مقدماته إِلَى حكم الْحس وَمَا جاوره من البديهيات الَّتِى لَا تنقص عَنهُ فى الوضوح بل قد تعلوه كاستحالة الْجمع بَين النقيضين أَو ارتفاعهما مَعًا أَو وجوب أَن الْكل أعظم من الْجُزْء مثلا وَقضى على هَؤُلَاءِ كغيرهم بِأَنَّهُم لَا يملكُونَ لانفسهم نفعا وَلَا ضرا وَغَايَة أَمرهم أَنهم عباد مكرمون وَأَن مَا يجريه على أَيْديهم فَإِنَّمَا هُوَ بِإِذن خَاص وبتيسير خَاص فى مَوضِع خَاص لحكمة خَاصَّة وَلَا يعرف شَأْن الله فى شىء من هَذَا إِلَّا ببرهان كَمَا تقدم
دلّ هَذَا الدّين بِمثل قَول الْكتاب {وَالله أخرجكم من بطُون أُمَّهَاتكُم لَا تعلمُونَ شَيْئا وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تشكرون} وَالشُّكْر عِنْد الْعَرَب مَعْرُوف أَنه تصريف النِّعْمَة فِيمَا كَانَ الإنعام بهَا لأَجله دلّ بِمثل هَذَا على أَن الله وهبنا من الْحَواس وغرز فِينَا من القوى مَا نصرفه فى وجوهه بمحض تِلْكَ الموهبة فَكل شخص كاسب لعمله بِنَفسِهِ لَهَا أَو عَلَيْهَا وَأما مَا تتحير فِيهِ مداركنا وتقصر دونه قوانا وتشعر فِيهِ أَنْفُسنَا بسُلْطَان يقهرها أَو نَاصِر يمدها فِيمَا أدْركهَا الْعَجز عَنهُ على أَنه فَوق مَا تعرف من القوى المسخرة لَهَا وَكَانَ لَا بُد من الخضوع لَهُ وَالرُّجُوع إِلَيْهِ والاستعانة بِهِ فَذَلِك إِنَّمَا يرد إِلَى الله وَحده فَلَا يجوز أَن تخشع إِلَّا لَهُ وَلَا أَن تطمئِن إِلَّا إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ جعل شَأْنهَا فِيمَا تخافه وترجوه مِمَّا تقبل عَلَيْهِ فى الْحَيَاة الْآخِرَة لَا يسوغ لَهَا أَن تلجأ إِلَى أحد غير الله فى قبُول أَعمالهَا من الطَّيِّبَات وَلَا فى غفران أفاعيلها من السَّيِّئَات فَهُوَ وَحده مَالك يَوْم الدّين
اجتثت بذلك جذور الوثنية وَمَا وَليهَا مِمَّا لَو اخْتلف عَنْهَا فى الصُّور والشكل أَو الْعبارَة وَاللَّفْظ لم يخْتَلف عَنْهَا فى الْمَعْنى والحقيقة تبع هَذَا طَهَارَة الْعُقُول من الأوهام الْفَاسِدَة الَّتِى لَا تنفك عَن تِلْكَ العقيدة الْبَاطِلَة ثمَّ تنزه النُّفُوس عَن

اسم الکتاب : التوحيد المؤلف : عبده، محمد    الجزء : 1  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست