responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوحيد المؤلف : عبده، محمد    الجزء : 1  صفحة : 78
أرجائها وَمَعَ أَنه لم يسْبق لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السياحة فى نَوَاحِيهَا والتعرف برجالها وقصور الْعلم الْبُشْرَى عَادَة عَن الْإِحَاطَة بِمَا أودع فى قوى أمة عَظِيمَة كالأمة الْعَرَبيَّة فَهَذَا الْقَضَاء الحاتم مِنْهُ بِأَنَّهُم لن يستطيعوا أَن يَأْتُوا بشىء من مثل مَا تحداهم بِهِ لَيْسَ قَضَاء بشريا وَمن الصعب بل من المتعذر أَن يصدر عَن عَاقل الْتِزَام كالذى الْتَزمهُ وَشرط كالذى شَرطه على نَفسه لغَلَبَة الظَّن عِنْد من لَهُ شىء من الْعقل أَن الأَرْض لَا تَخْلُو من صَاحب قُوَّة مثل قوته وَإِنَّمَا ذَلِك هُوَ الله الْمُتَكَلّم والعليم الْخَبِير هُوَ النَّاطِق على لِسَانه وَقد أحَاط علمه بقصور جَمِيع القوى عَن تنَاول مَا استنهضهم لَهُ وبلوغ مَا حثهم عَلَيْهِ
يَقُول واهم إِن الْعَجز حجَّة على من عجز فَإِن العجزهى حجَّة الإفحام وإلزام الْخصم وَقد يلْتَزم الْخصم بِبَعْض المسلمات عِنْده فيفحم ويعجز عَن الْجَواب فَتلْزمهُ الْحجَّة وَلَكِن لَيْسَ ذَلِك بملزم لغيره فَمن الْمُمكن أَن لَا يسلم غَيره بِمَا سلمه فَلَا يفحمه الدَّلِيل بل يجد إِلَى إِبْطَاله أقرب سَبِيل
وَهُوَ وهم يضمحل بِمَا قدمنَا من الْبَيَان إِذْ لَا يُوجد من المشابهة بَين إعجاز الْقُرْآن وإفحام الدَّلِيل إِلَّا أَنه يُوجد عَن كل مِنْهُمَا عجز وشتان بَين العجزين وَبعد مَا بَين وجهتى الِاسْتِدْلَال فيهمَا فَإِن إعجاز الْقُرْآن برهن على أَمر واقعى وَهُوَ تقاصر القوى البشرية دون مكانته من البلاغة وَقُلْنَا القوى البشرية لِأَنَّهُ جَاءَ بِلِسَان عربى وَقد عرف الْكتاب عِنْد جَمِيع الْعَرَب فى عهد النُّبُوَّة وَكَانَ حَال الْعَصْر من البلاغة كَمَا ذكرنَا وَحَال الْقَوْم فى العناد كَمَا بَينا وَمَعَ ذَلِك لم يُمكن للْعَرَب أَن يعارضوه بشىء من مبلغ عُقُولهمْ فَلَا يعقل أَن فارسيا أَو هنديا أَو رومانيا يبلغ من قُوَّة البلاغة فى الْعَرَبيَّة أَن يأتى بِمَا عجز عَنهُ الْعَرَب أنفسهم وتقاصر القوى جَمِيعهَا عَن ذَلِك مَعَ التَّمَاثُل بَين النبى وَبينهمْ فى النشأة والتربية وامتياز الْكثير مِنْهُم بِالْعلمِ والدراسة دَلِيل قَاطع على أَن الْكَلَام لَيْسَ مِمَّا اُعْتِيدَ صدوره عَن الْبشر فَهُوَ اخْتِصَاص من الله سُبْحَانَهُ لمن جَاءَ على لِسَانه ثمَّ ورد فى الْقُرْآن من تسجيل الْعَجز عَلَيْهِم والتعرض للاصطدام بِجَمِيعِ مَا أُوتُوا من قُوَّة مِمَّا يدل على الثِّقَة من أمره مَعَ مَا سبق تعداده من الْأُمُور الَّتِى لَا يُمكن مَعهَا لعاقل أَن

اسم الکتاب : التوحيد المؤلف : عبده، محمد    الجزء : 1  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست