responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوحيد المؤلف : عبده، محمد    الجزء : 1  صفحة : 67
الْعلم الْمَنْصُوب على الطَّرِيق المسلوك بل نصعد إِلَى مَا فَوق ذَلِك ونقول منزلَة السّمع وَالْبَصَر أَلَيْسَ من وَظِيفَة الباصرة التَّمْيِيز بَين الْحسن والقبيح من المناظر وَبَين الطَّرِيق السهلة والسلوك والمعابر الوعرة وَمَعَ ذَلِك فقد يسىء الْبَصِير اسْتِعْمَال بَصَره فيتردى فى هاوية يهْلك فِيهَا وَعَيناهُ سليمتان تلمعان فى وَجهه يَقع ذَلِك لطيش أَو اهمال أَو غَفلَة أَو لجاج وعناد وَقد يقوم من الْعقل والحس ألف دَلِيل على مضرَّة شىء وَيعلم ذَلِك الباغى فى رايه من أهل الشَّرّ ثمَّ يُخَالف تِلْكَ الدَّلَائِل الظَّاهِرَة ويقتحم الْمَكْرُوه لقَضَاء شَهْوَة اللجاج أَو نَحْوهَا وَلَكِن وُقُوع هَذِه الْأَمْثَال لَا ينقص من قدر الْحس أَو الْعقل فِيمَا خلق لأَجله كَذَلِك الرُّسُل عَلَيْهِم السَّلَام أَعْلَام هِدَايَة نصبها الله على سَبِيل النجَاة فَمن النَّاس من اهْتَدَى بهَا فَانْتهى إِلَى غايات السَّعَادَة وَمِنْهُم من غلط فى فهمها أَو انحرف عَن هديها فانكب فى مهاوى الشَّقَاء فالدين هاد وَالنَّقْص يعرض لمن دعوا إِلَى الاهتداء بِهِ وَلَا يطعن نقصهم فى كَمَاله واشتداد حَاجتهم إِلَيْهِ {يضل بِهِ كثيرا وَيهْدِي بِهِ كثيرا وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين} أَلا إِن الدّين مُسْتَقر السكينَة ولجأ الطُّمَأْنِينَة بِهِ يرضى كل بِمَا قسم لَهُ وَبِه يدأب عَامل حَتَّى يبلغ الْغَايَة من عمله وَبِه تخضع النُّفُوس إِلَى أَحْكَام السّنَن الْعَامَّة فى الْكَوْن وَبِه ينظر الْإِنْسَان إِلَى من فَوْقه فى الْعلم والفضيلة وَإِلَى من دونه فِي المَال والجاه اتبَاعا لما وَردت بِهِ الْأَوَامِر الإلهية الدّين أشبه بالبواعث الفطرية الإلهامية مِنْهُ بالدواعى الاختيارية الدّين قُوَّة من أعظم قوى الْبشر وَإِنَّمَا قد يعرض عَلَيْهَا من الْعِلَل مَا يعرض لغَيْرهَا من القوى وكل مَا وَجه إِلَى الدّين من مثل الِاعْتِرَاض الذى نَحن بصدده فتبعته فى أَعْنَاق القائمين عَلَيْهِ الناصبين أنفسهم منصب الدعْوَة إِلَيْهِ أَو المعروفين بِأَنَّهُم حفظته ورعاة أَحْكَامه وَمَا عَلَيْهِم فى إبلاغ الْقُلُوب بغيتها مِنْهُ إِلَّا أَن يهتدوا بِهِ ويرجعوا بِهِ إِلَى أُصُوله الطاهرة الأولى ويضعوا عَنهُ أوزار الْبدع فترجع إِلَيْهِ قوته وَتظهر للأعمى حكمته
رُبمَا يَقُول قَائِل إِن هَذِه الْمُقَابلَة بَين الْعقل وَالدّين تميل إِلَى رأى الْقَائِلين بإهمال الْعقل بالمرة فى قضايا الدّين وَبِأَن أساسه هُوَ التَّسْلِيم الْمَحْض وَقطع الطَّرِيق

اسم الکتاب : التوحيد المؤلف : عبده، محمد    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست