responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوحيد المؤلف : عبده، محمد    الجزء : 1  صفحة : 41
وَلَا يزَال يعظم فى تِلْكَ اللَّذَّة والتمتع بهَا حَتَّى يَقع ظلّ الخيال على طَرِيق الْفِكر فَيسْتر عَنهُ مَا طَابَ من وُجُوه الْكسْب وَإِنَّمَا يعمد إِلَى اسْتِعْمَال قوته أَو حيلته فى سلب المَال من يَد مَالِكه لينفقه فِيمَا تخيل من الْمَنْفَعَة فَيكون قد عطل بذلك قواه الْمَوْهُوبَة لَهُ وأخل بالأمن الذى أفاضه الله بَين عباده وَسن سنة الاعتداء فَلَا يسهل عَلَيْهِ وَلَا على غَيره الْوُصُول إِلَى الرَّاحَة من أَعمال المقترفين لمثل عمله وخفيف من النّظر فى أَعمال الْبشر يجليها جَمِيعهَا على نَحْو مَا بَينا فى المثالين فلقوة الذاكرة وضعفها وحدة الخيال واعتداله واعوجاج الْفِكر واستقامته أعظم أثر فى التَّمْيِيز بَين النافع والضار فى أشخاص الْأَعْمَال وللأمزجة والأجواء وَمَا يحتف بالشخص من أهل وعشيرة ومعاشرين مدْخل عَظِيم فى التخيل والفكر بل وفى الذّكر
فَالنَّاس متفقون على أَن من الْأَعْمَال مَا هُوَ نَافِع وَمِنْهَا مَا هُوَ ضار وَبِعِبَارَة أُخْرَى مِنْهَا مَا هُوَ حسن وَمِنْهَا مَا هُوَ قَبِيح وَمن عقلائهم وَأهل النّظر الصَّحِيح والمزاج المعتدل مِنْهُم من يُمكنهُ إِصَابَة وَجه الْحق فى معرفَة ذَلِك ومتفقون كَذَلِك على أَن الْحسن مَا كَانَ أدوم فَائِدَة وَإِن كَانَ مؤلما فى الْحَال وَأَن الْقَبِيح مَا جر إِلَى فَسَاد فى النظام الْخَاص بالشخص أَو الشَّامِل لَهُ وَلمن يتَّصل بِهِ وَإِن عظمت لذته الْحَاضِرَة وَلَكنهُمْ يَخْتَلِفُونَ فى النّظر إِلَى كل عمل بِعَيْنِه اخْتلَافهمْ فى أمزجتهم وسحنهم ومناشئهم وَجَمِيع مَا يكتنف بهم فَلذَلِك ضربوا إِلَى الشَّرّ فى كل وَجه وكل يظنّ أَنه إِنَّمَا يطْلب نَافِعًا ويتقى ضارا فالعقل الْبُشْرَى وَحده لَيْسَ فى استطاعته أَن يبلغ بِصَاحِبِهِ مَا فِيهِ سعادته فى هَذِه الْحَيَاة اللَّهُمَّ إِلَّا فى قَلِيل مِمَّن لم يعرفهُمْ الزَّمن فان كَانَ لَهُم من الشَّأْن الْعَظِيم مَا بِهِ عرفهم أَشَارَ إِلَيْهِم الدَّهْر بأصابع الأجيال وَقد سبقت الْإِشَارَة إِلَيْهِم فِيمَا مر
وَلَيْسَت عقول النَّاس سَوَاء فى معرفَة الله تَعَالَى وَلَا فى معرفَة حَيَاة بعد هَذِه الْحَيَاة فهم وَإِن اتَّفقُوا فى الخضوع لقُوَّة أسمى من قواهم وَشعر معظمهم بِيَوْم بعد هَذَا الْيَوْم وَلَكِن أفسدت الوثنية عُقُولهمْ وانحرفت بهَا عَن مَسْلَك السَّعَادَة فَلَيْسَ فى سَعَة الْعقل الإنسانى فى الْأَفْرَاد كَافَّة أَن يعرف من الله مَا يجب أَن

اسم الکتاب : التوحيد المؤلف : عبده، محمد    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست