responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوحيد المؤلف : عبده، محمد    الجزء : 1  صفحة : 34
وتقشعت بِهِ حيرتهم وَلَكِن قَلِيل مَا هم على أَن ذَلِك نور يقذفه الله فى قلب من شَاءَ ويخص بِهِ أهل الْولَايَة والصفاء وَكثير ماضل قوم وأضلوا وَكَانَ لمقالاتهم أَسْوَأ الْأَثر فِيمَا عَلَيْهِ حَال الْأمة الْيَوْم
لَو شِئْت لقربت الْبعيد فَقلت إِن من بَالغ الحكم فى الْكَوْن أَن تتنوع الْأَنْوَاع على مَا هى عَلَيْهِ فى العيان وَلَا يكون النَّوْع ممتازا عَن غَيره حَتَّى تلْزمهُ خواصه وَكَذَا الْحَال فى تميز الْأَشْخَاص فواهب الْوُجُود يهب الْأَنْوَاع والأشخاص وجودهَا على مَا هى عَلَيْهِ ثمَّ كل وجود مَتى حصل كَانَت لَهُ توابعه وَمن تِلْكَ الْأَنْوَاع الْإِنْسَان وَمن مميزاته حَتَّى يكون غير سَائِر الْحَيَوَانَات ان يكون مفكرا مُخْتَارًا فى عمله على مُقْتَضى فكره فوجوده الْمَوْهُوب مستتبع لمميزاته هَذِه وَلَو سلب شَيْء مِنْهَا لَكَانَ إِمَّا ملكا أَو حَيَوَانا آخر وَالْفَرْض أَنه الْإِنْسَان فهبة الْوُجُود لَهُ لاشىء فِيهَا من الْقَهْر على الْعَمَل ثمَّ علم الْوَاجِب مُحِيط بِمَا يَقع من الْإِنْسَان بإرادته وَبِأَن عمل كَذَا يصدر فى وَقت كَذَا وَهُوَ خير يُثَاب عَلَيْهِ وَأَن عملا آخر شَرّ يُعَاقب عَلَيْهِ عِقَاب الشَّرّ والأعمال فى جَمِيع الْأَحْوَال حَاصِلَة عَن الْكسْب والإختيار فَلَا شىء فى الْعلم بسالب للتَّخْيِير فى الْكسْب وَكَون مَا فى الْعلم يَقع لَا محَالة إِنَّمَا جَاءَ من حَيْثُ هُوَ الْوَاقِع وَالْوَاقِع لَا يتبدل
وَلنَا فى علومنا الكونية أقرب الْأَمْثَال شخص من أهل العناد يعلم علم الْيَقِين أَن عصيانه لأميره بِاخْتِيَارِهِ يحل عُقُوبَته لَا محَالة لكنه مَعَ ذَلِك يعْمل الْعَمَل وَيسْتَقْبل الْعقُوبَة وَلَيْسَ لشىء من علمه وانطباقه على الْوَاقِع أدنى أثر فى اخْتِيَاره لَا بِالْمَنْعِ وَلَا بالإلزام فانكشاف الْوَاقِع للْعَالم لَا يَصح فى نظر الْعقل ملزما وَلَا مَانِعا وَإِنَّمَا يُرِيك الْوَهم تَغْيِير الْعبارَات وتشعب الْأَلْفَاظ وَلَو شِئْت لزدت فى بَيَان ذَلِك ورجوت أَن لَا يبعد عَن عقل ألف النّظر الصَّحِيح وَلم تفْسد فطرته بالمماحكات اللفظية لَكِن يمنعنى عَن الإطالة فِيهِ عدم الْحَاجة إِلَيْهِ فى صِحَة الْإِيمَان وتقاصر عقول الْعَامَّة عَن إِدْرَاك الْأَمر فى ذَاته مهما بَالغ الْمعبر فى الْإِيضَاح عَنهُ والتياث قُلُوب الْجُمْهُور من الْخَاصَّة بِمَرَض التَّقْلِيد فهم يَعْتَقِدُونَ الْأَمر ثمَّ يطْلبُونَ الدَّلِيل عَلَيْهِ وَلَا يريدونه إِلَّا مُوَافقا لما يَعْتَقِدُونَ فَإِن جَاءَهُم بِمَا يُخَالف مَا اعتقدوا

اسم الکتاب : التوحيد المؤلف : عبده، محمد    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست