وهذا الوعيد يشمل أصحاب هذه النظرة، سواء كانوا من الذين يعملون عمل الآخرة يريدون به الحياة الدنيا كالمنافقين والمرائين بأعمالهم أو كانوا من الكفار الذين لا يؤمنون ببعث ولا حساب كحال أهل الجاهلية والمذاهب الهدَّامة من رأسمالية وشيوعية وعلمانية إلحادية، وأولئك لم يعرفوا قدر الحياة ولا تعدو نظرتهم بها أن تكون كنظرة البهائم. بل هم أضل سبيلا، لأنهم ألغوا عقولهم وسخروا طاقاتهم وضيعوا أوقاتهم فيما لا يبقى لهم ولا يبقون له، ولم يعملوا لمصيرهم الذي ينتظرهم ولا بد لهم منه.
والبهائم ليس لها مصير ينتظرها وليس لها عقول تفكر بها بخلاف أولئك، ولهذا يقول تعالى فيهم: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44] وقد وصف الله أهل هذه النظرة بعدم العلم، قال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ - يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم: 6 - 7]