اسم الکتاب : التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية المؤلف : فالح بن مهدي آل مهدي الجزء : 1 صفحة : 82
فنفيهم للصفات بهذه الألقاب المنكرة خطأ في اللفظ والمعنى، وجناية على ألفاظ الوحي أما الخطأ اللفظي فتسميتهم هذه الصفات تركيبا وتجسيما وتشبيها، فكذبوا على القرآن، وعلى الرسول، وعلى اللغة، ووضعوا للصفات ألفاظاً منهم بدأت وإليهم تعود، وأما خطؤهم في المعنى فنفيهم وتعطيلهم لصفات كماله بواسطة هذه التسمية والألقاب، فنفوا المعنى الحق، وسموه بالاسم المنكر، وكانوا في ذلك بمنزلة من سمع أن في العسل شفاء ولم يره، فسأل عنه فقيل له مائع رقيق أصفر يشبه العذرة -تتقيؤه الزنابير- فمن لم يعرف العسل ينفر عنه بهذا التعريف، ومن عرفه وذاقه لم يزده هذا التعريف عنده إلا محبة له، ورغبة فيه، ولله در القائل:
تقول هذا جناء النحل تمدحه ... وإن تشأ قلت ذا قيء الزنابير
مدحا وذما وما جاوزت وصفهما ... والحق قد يعتريه سوء تعبير
وقوله:"وبهذه الطريقة أفسدت الملاحدة على طوائف الناس عقلهم ودينهم حتى أخرجوهم إلى أعظم الكفر والجهالة وأبلغ الغي والضلالة"
يعني وبسبب تسمية الحق الثابت بأسماء منكرة وتلقيب أصحاب العلم الإلهي، وأهل الديانة والصلاح بالألقاب الشنيعة أفسدت الملاحدة فطر الناس ولوثت عقولهم فإن أشد ما سلكت الملاحدة في التنفير عن الحق سوء التعبير عنه، وضرب الأمثال القبيحة له والتعبير عن تلك المعاني التي لا أحسن منها بألفاظ منكرة، ألقوها في مسامع المغترين المخدوعين فوصلت إلى قلوبهم، وأكثر العقول يقبل القول بعبارة ويرده بعبارة أخرى، ومثل هذا ما يستعمله الفساق والملاحدة في زماننا من الألفاظ البذيئة التي يطلقونها على الفضلاء وأهل الديانة كقولهم: متحجرون، وجامدون، ورجعيون، ومتأخرون، بينما ينعتون أشباههم بالتقدميين، والمتنورين، والراقين فهي إذا شنشنة معروفة من اخزم في قديم
اسم الکتاب : التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية المؤلف : فالح بن مهدي آل مهدي الجزء : 1 صفحة : 82