اسم الکتاب : التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية المؤلف : فالح بن مهدي آل مهدي الجزء : 1 صفحة : 230
العرش فقلنا لم أنكرتم أن يكون الله على العرش؟ وقد قال جل ثناؤه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وقال {خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أيامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} فقالوا هو تحت الأرض السابعة كما هو على العرش؟ فهو على العرش، وفي السموات وفي الأرض، وفي كل مكان لا يخلو منه مكان، ولا يكون في مكان دون مكان وتلوا آية من القرآن {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاواتِ وَفِي الْأَرْضِ} فقلنا قد عرف السلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظم الرب شيء. فقالوا: أي مكان؟ قلنا: أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والحشوش والأماكن القذرة ليس فيها من عظم الرب شيء، قد أخبرنا أنه الله في السماء. فقال {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً} وقال: {إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} وقال: {أني مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} وقال: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ} وقال: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} وقال: {ذِي الْمَعَارِجِ} وقال: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} وقال: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} .
فهذا إخبار الله اخبرنا أنه في السراء ووجدنا كل شيء أسفل منه حيث يقول الله جل ثناؤه هـ: {أن الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} ، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْأنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ} وقلنا لهم أتعلمون أن إبليس كان مكانه والشياطين مكانهم؟ فلم يكن الله بمجتمع هو وإبليس في مكان واحد؟ وإنما معنى قوله جل ثناؤه: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاواتِ وَفِي الْأَرْضِ} يقول: هو إله من في السموات واله من في الأرض، وهو على العرش وقد أحاط بعلمه ما دون العرش ولا يخلو من علم الله مكان، ولا يكون علم الله في مكان دون مكان. فذلك قوله تعالى: {لِتَعْلَمُوا أن اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأن اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً} انتهى.
اسم الکتاب : التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية المؤلف : فالح بن مهدي آل مهدي الجزء : 1 صفحة : 230