اسم الکتاب : التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية المؤلف : فالح بن مهدي آل مهدي الجزء : 1 صفحة : 176
قوله:
فلما قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأيدٍ} فهل يتوهم أن بناءه مثل بناء الآدمي المحتاج الذي يحتاج إلى زنبيل ومجارف وضرب لبن وأعوان؟
ش: يعني أن الخالق سبحانه أخبر عن نفسه بأنه بنى السماء بقوة. والمخلوق يوصف بالبناء، ولكن من يقول للشيء كن فيكون. ومن يقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} من هذا شأنه لا يمكن أن يتوهم في حقه ما هو من خصائص المخلوق. ومن المعلوم أن السموات والأرض من أكبر مخلوقاته كما قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} . وكما قال: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} والرب سبحانه موصوف ببناء السماء والمخلوق موصوف بالبناء، ولكن المخلوق محتاج في بنائه إلى آلات البناء وأدواته ومحتاج إلى مساعدين، أما الرب "تبارك وتعالى" فغير محتاج إلى شيء من ذلك فلا شريك له، ولا ظهير ولا يعجزه شيء سبحانه وتعالى. وكما أنه لا يلزم من بنائه لسمواته أن يكون مثل بناء المخلوق، فكذلك هو مستو على عرشه. ولا يلزم في حقه ما يلزم في حق المخلوق من الحاجة واللوازم الباطلة.
خلق الله العالم بعضه فوق بعض
...
قوله:
ثم قد علم أن الله خلق العالم بعضه فوق بعضه، ولم يجعل عاليه مفتقراً إلى سافله، فالهواء فوق الأرض وليس مفتقراً إلى أن تحمله، والسموات فوق الأرض وليست مفتقره إلى حمل الأرض لها، فالعلي الأعلى رب كل شيء ومليكه إذا كان فوق جميع خلقه، كيف يجب أن يكون محتاجاً إلى خلقه أو عرشه؟ وكيف يستلزم علوه على خلقه هذا الافتقار وهو ليس بمستلزم في المخلوقات؟ وقد علم أن ما ثبت لمخلوق من الغنى عن غيره فالخالق سبحانه أحق وأولى
اسم الکتاب : التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية المؤلف : فالح بن مهدي آل مهدي الجزء : 1 صفحة : 176