(إذ جاء يطفح) أي: إذ جاء ذلك السيل يعني وقت مجيئه (يطفح) أي فيض، يقال طفح الإناء أي: امتلأ وارتفع الماء فيه.
وهؤلاء الذين ضرب لهم هذا المثل هم من أهل الكبائر والعظائم فيما دون الشرك، وأما المشركين الكفار فهم مخلدون في النار أبد الآبدين، لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها، ولا يخرجون منها أبداً كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ. وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} (فاطر:36،37) .
فهذا شأن الكفار ومآلهم، وأما مرتكبو الكبائر وعصاة الموحدين فحكمهم عند أهل السنة أنهم تحت المشيئة إن شاء الله عذبهم وإن شاء غفر لهم وإن أدخلهم النار فلا يخلدون فيها بل يخرجون بشفاعة الشافعين وبرحمة أرحم الراحمين.
والبيتان يتضمنان الرد على الخوارج والمعتزلة الذين يقولون إن مرتكب الكبيرة مخلد في النار.
وفي البيتين أيضاً إشارة إلى الجنة ونعيمها والنار وعذابها، والإيمان بذلك وبكافة التفاصيل الواردة في الكتاب والسنة المتعلقة بالجنة والنار هو من الإيمان باليوم الآخر.