وقد ذكره البيهقي على أن أصحابه يقصدون علوّ المكانة لا علوّ الذات، إلا أن هذا غير صحيح، فعلي بن محمّد الطبري قصد بذلك إثبات الاستواء على طريقة السلف كما ذكر ذلك عنه الذهبي[1].
وسيأتي مزيد بيان لهذا المذهب إن شاء الله.
والقول بأن معنى الاستواء علوّ المكانة والقهر ذهب إليه جماعة من الأشاعرة منهم أبو بكر بن فورك شيخ البيهقي، كما في كتابه مشكل الحديث[2].
3 - وثمة رأي ثالث في الاستواء ذكره البيهقي وهو القول بأن معناه: الاستيلاء والغلبة والقهر، كما يقال استوى فلان على الناحية إذا غلب أهلها، واستدل أصحابه بقول الشاعر:
قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق
ونسبه البيهقي أيضاً إلى كثير من متأخري الأشاعرة[3]، ومنهم سيف الدين الآمدي، وأبو حامد الغزالي وغيرهما[4]. وهو رأي المعتزلة أيضاً[5].
إلا أن هذا الرأي مرفوض تماماً عند البيهقي، لأن الاستيلاء عبارة عن غلبة مع توقع ضعف[6]. [1] العلوّ للعلي الغفار للذهبي ص: 168. [2] مشكل الحديث ص: 146. [3] الأسماء والصفات ص: 412. [4] انظر: غاية المرام للآمدي ص: 141، والاقتصاد في الاعتقاد للغزالي ص: 104. [5] متشابه القرآن للقاضي عبد الجبّار1/73، 351. [6] الأسماء والصفات ص: 412.