وقد استدل لهذا الرأي بدليلين: أحدهما عقلي، والآخر شرعي نقلي.
فأما الدليل النقلي: فثبوت اتصافه سبحانه بهذه الصفات عن طريق نطق النصوص صراحة بإثبات بعضها، أو عن طريق إثبات الأوصاف له سبحانه التي هي بدورها تدل على ثبوت الصفة. وقد بين البيهقي ذلك بقوله: "فإن قال قائل، وما الدليل على أنه حي قادر عالم مريد سميع بصير متكلم، له الحياة، والقدرة، والعلم، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام؟ قيل: لأ نه يستحيل إثبات موجود بهذه الأوصاف مع نفي هذه الصفات عنه، وحين لزم إثباته بهذه الأوصاف، لزم إثبات هذه الصفات له، قال الله عز وجل: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ} [1].
وقال: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [2] فأثبت القوة لنفسه وهي القدرة، وأثبت العلم، فدل على أنه عالم بعلم قادر بقدرة"[3].
فهاتان الصفتان - أعني العلم والقدرة - اللتان وردتا في هاتين الآيتين ثبتتا صفتين بصريح النص القرآني في كل منهما، أما بقية الصفات فقد ثبتت أوصافاً، لأن الوصف يستلزم ثبوت الصفة – كما بيت البيهقي – رحمه الله – ولا معنى لثبوت الصفة إلا زيادتها على مفهوم الذات.
وهذا ما ذكره التفتازاني أيضاً في شرح العقائد النسفية حيث قال: "وله صفات، لما ثبت من أنه عالم حي قادر، إلى غير ذلك ومعلوم أن [1] سورة البقرة آية: 255. [2] سورة الذاريات آية: 58. [3] الجامع لشعب الإيمان1/ ل17.