المبحث الخامس
الاستثناء في الإيمان عند الأشاعرة
ذهب الأشاعرة في هذه المسألة إلى أن الإيمان الذي يتصف به الإنسان في الحال مقطوع به لا يجوز الاستثناء فيه وإنما يجوز الاستثناء في الإيمان باعتبار الموافاة في المستقبل. وفي ذلك يقول التفتازاني في شرح ((المقاصد)) بعد ذكره للآراء الواردة في هذه المسألة يقول: " … الثالث وعليه التعويل ما قال إمام الحرمين: أن الإيمان ثابت في الحال قطعاً من غير شك فيه، لكون الإيمان الذي هو علم الفوز وآية النجاة إيمان الموافاة، فاعتنى السلف به وقرنوه بالمشيئة، ولم يقصدوا الشك في الإيمان الناجز. ومعنى الموافاة الإتيان والوصول إلى آخر الحياة وأول منازل الآخرة، ولا خفاء في أن الإيمان المنجي والكفر المهلك ما يكون في تلك الحال، وإن كان مسبوقاً بالضد لا ما ثبت أولاً، وتغير إلى الضد. فلهذا يرى الكثير من الأشاعرة ـ (يبنون القول بأن العبرة بإيمان الموافاة) [1] وسعادتها بمعنى أن ذلك هو المنجي، لا بمعنى أن إيمان الحال ليس بإيمان وكفره ليس بكفر، وكذا السعادة والشقاوة، والولاية والعداوة، …وبالجملة لا يشك المؤمن في ثبوت الإيمان وتحققه في الحال، ولا في الجزم بالثبات والبقاء عليه في الحال، لكن يخاف سوء الخاتمة ويرجو حسن العاقبة، فيربط إيمان [1] هكذا في الأصل المطبوع: ولعل الكلام فيه نقص واستقامته: يبنون القول بجواز الاستثناء على أن العبرة. . الخ.