منه سبحانه وتعالى يقطع له بعدم الخلود في النار … ". ولا نعلم خلافاً للأشاعرة في هذه المسألة. ويتبين لنا مما تقدم أن معتقد القوم في مرتكب الكبيرة أنه لا يقطع عليه بحكم ما، بل يفوض أمره إلى الله سبحانه وتعالى، إن شاء غفر له ذنوبه ابتداءً من غير سابق تعذيب فيدخله الجنة بفضله ورحمته، وإن شاء أدخله النار وعذبه بقدر جرمه ثم أخرجه منها وأدخله الجنة. وكل هذا يستندون فيه إلى أدلة شرعية منها ما يدل على إمكان غفران الذنوب، ومنها ما يدل على عدم تخليد المذنب المؤمن إذا هو أدخل النار لمعاقبته التي تتم بعدل من الله سبحانه وتعالى.
فمن النصوص التي استدلوا بها على غفران الذنوب ما عدا الشرك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} إلى غير ذلك مما استدلوا به على هذه المسألة مما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه مما تقدم ذكره في بيان مذهب السلف، فلا داعي لتكراره.
ثم إنهم استدلوا على هذه المسألة أيضاً بأن العقاب حقه تعالى فيحسن إسقاطه مع أن فيه نفعاً للعبد من غير ضرر لأحد. أما دليلهم على أن من عُذب من العصاة لا يخلد في النار فهو أيضاً عين ما استدل به السلف من مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " من قال لا إله إلا الله دخل الجنة " قالوا: وليس ذلك استقامة الكلام: خاصاً بما قبل دخول النار بل قد يكون بعده. وهي مسألة انقطاع العذاب أو بدونه وهي مسألة العفو التام. ومن أدلتهم أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: " يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان " إلى غير
انظر: اتحاف المريد بجوهرة التوحيد، تعليق الشيخ محمد يوسف الشيخ، ص173، ط سنة 1379هـ.
النساء: 48.
الزمر: 53.
عبد السلام بن إبراهيم اللقاني، المصدر السابق ص172.
المصدر نفسه ص174.