2 ـ أن الإيمان الذي هو التصديق أيضاً يزيد وينقص، ولأصحاب هذا القول مسلكان:
أـ القول بأن التصديق نفسه يزيد وينقص، فيصح إطلاق القول بالزيادة والنقصان على الإيمان بحسب الذات الذي هو التصديق، وبحسب المتعلق، وهو أفراد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يجب الإيمان به، وقد استدل هؤلاء على كلا الأمرين. فاستدلوا على زيادة التصديق ونقصانه بحسب ذاته بدليل عقلي وآخر نقلي، فدليلهم العقلي هو " أن التصديق القلبي يزيد وينقص بكثرة النظر ووضوح الأدلة، وعدم ذلك، ولهذا كان إيمان الصديقين أقوى من إيمان غيرهم بحيث لا تعتريه الشبه، ويؤيده أن كل أحد يعلم أن ما في قلبه يتفاضل حتى يكون في بعض الأحيان أعظم يقيناً وإخلاصاً منه في بعضها، فكذلك التصديق والمعرفة بحسب ظهور البراهين وكثرتها " [1].
أما ما استدلوا به من النقل فقوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} فاطمئنان القلب الذي هو أقصى درجات التصديق هو ما قصده إبراهيم عليه السلام وإلا فهو مصدق دون شك.
كما استدلوا على أن الإيمان يزيد وينقص بحسب متعلقة بأن التصديق التفصيلي في أفراد ما وجب عليه الإيمان به جزء من الإيمان يثاب عليه، كما يثاب على تصديقه بالكل. وأضافوا الى ذلك الآيات المصرحة بزيادة الإيمان. ولا شك أن القابل للزيادة قابل للنقصان.
ب ـ المسلك الثاني: القول بأن الإيمان يزيد وينقص بحسب متعلقه فقط، أما التصديق نفسه فلا يزيد ولا ينقص، وقد ذهبوا هذا المذهب ليكون جمعاً بين رأي السلف القائل بأن الإيمان يتجزأ والتصديق [1] اللقاني، عبد السلام بن إبراهيم المالكي، اتحاف المريد بجوهرة التوحيد، ص43، تحقيق الشيخ محمد يوسف الشيخ، ط1 سنة 1379هـ ـ 1960م.