responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 95
فَإِنَّهُ توالد من الله والتحمت الْكَلِمَة بِهِ وسكنت فِيهِ وَلذَلِك قَالَ وَلَكِن تَوَالَدُوا من الله فالتحمت بِالْكَلِمَةِ وسكنت فِينَا
فَإِن كنت تُرِيدُ أَن تستدل بِهَذَا اللَّفْظ على أَن الْكَلِمَة اتّحدت بالمسيح خَاصَّة فَلَيْسَ لَك فِيهِ دَلِيل بل يدل ظَاهره على أَن كل من آمن بِهِ التحمت الْكَلِمَة بِهِ وسكنت فِيهِ وَهَذَا شَيْء لَا تَقولُونَ بِهِ وَلَا يذهب إِلَيْهِ أحد مِنْكُم فَهَلا عَلَيْكُم فهمتم كِتَابه وتدبرم خطابه ورددتم آخر الْكَلَام على أَوله حَتَّى تعرفوا نَصه من مؤوله على أَنه لَو كَانَ نصا قَاطعا لَا يحْتَمل التَّأْوِيل لما كَانَ يَنْبَغِي لعقل أَن يَقُول بِمُقْتَضَاهُ فَإِن الإتحاد محَال قطعا على مَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى إِذْ تكلمنا على حَقِيقَة الإتحاد والحلول
وَأما قَوْله فأفرد الْكَلِمَة بالإلتحام لِأَنَّهَا الواعظة بِالْأَمر والنهى فَقَوْل لم يقلهُ الْإِنْجِيل وَلَا دلّ عَلَيْهِ ظَاهر وَلَا تَأْوِيل وَغَايَة مَا فِي الْإِنْجِيل أَن الْكَلِمَة التحمت وَلَيْسَ فِيهِ لِأَنَّهَا الواعظة فَمن عرفك أَن الْكَلِمَة اتّحدت لهَذِهِ الْعلَّة بل لَعَلَّهَا التحمت لعِلَّة أُخْرَى لم تعلمهَا أَنْت وَلَا غَيْرك لَعَلَّهَا التحمت لَا لعة بل لنَفسهَا وَإِنَّمَا نزلنَا فِي هَذَا الْمحل على تَسْلِيم الإلتحام وَإِن كَانَ بَاطِلا بالبرهان ليتبين أَن هَذَا الْمَذْهَب هذيان
وَأما قَوْله لِأَنَّهَا الواعظة بِالْأَمر والنهى فَقَوْل من لَا يعرف فرق مَا بَين الْأَمر والنهى والوعظ وَلَا حصل من الشَّرْع وَلَا من الْعقل على حَظّ فَإِن الْوَعْظ مُخَالف لِلْأَمْرِ والنهى بحقيقته ومقصوده إِذْ قد يعظ الْوَاعِظ من غير أَمر وَلَا نهى وَينْهى وَيَأْمُر وَلَا يعظ فهما أَمْرَانِ مفترقان غير متلازمين على مَا يعرف فِي مَوْضِعه
وَأما قَوْله فَهَذَا أخصر شرح الإتحاد فالسين مَوضِع الصَّاد أليق إِذْ الخسران إِلَيْهِ أقرب وَبِه ألزق لِأَنَّك أوهمت أَنَّك شرحت وأوضحت واختصرت وأوجزت بل أخللت وطوت وبفائدة مَا أتيت وَكَيف تصح لَك هَذِه الدَّعْوَى وَقد قلت كلَاما لَا فَائِدَة لَهُ وَلَا جدوى دَلِيل ذَلِك أَنَّك اعترضت على نَفسك بإعتراضات كَثْرَة ثمَّ إِنَّك حدت عَن الْجَواب وَلم تأت بفصل خطاب بل أتيت بِكَلَام يشْهد عَلَيْك عِنْد الْعُقَلَاء بالبلادة وقله التَّحْصِيل وَعدم الإجادة

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست