responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 68
وَإِن أَرَادَ بذلك الْمجَاز فَلَا يَصح لَهُ حمله على الْمجَاز حَتَّى يجْتَمع الْمجَاز والحقيقة فِي أَمر مَا فَإنَّك إِذا قلت زيد أَسد إِنَّمَا تجوزت بِلَفْظ الْأسد وأطلقته على زيد لأجل الشجَاعَة الجامعة بَين الْأسد وَزيد وَلَوْلَا ذَلِك لما صَحَّ الْمجَاز فَإِذن لَا بُد لهَذَا المتجوز من جَامع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فَمَا الْجَامِع الَّذِي لأَجله تجوز هَذَا المحتج فَإِن قَالَ الْأَمر الْجَامِع أَن الْقُدْرَة أصل الْعلم وَقد قَالَ ذَلِك فِي دَاخل كِتَابه منعنَا ذَلِك وَلم نَسْأَلهُ وَقُلْنَا الْمَفْهُوم من الْقُدْرَة والمعقول مِنْهَا عِنْد الْعُقَلَاء صفة بهَا يُوجد مَا لم يكن مَوْجُودا والمعقول من الْعلم أَنه صفة كاشفة نَفسهَا ومعلومها يصدر عَنْهَا الْأَحْكَام والإتقان وهما فِي حق الله تَعَالَى أزليان عندنَا وَعِنْدهم وَإِذا كَانَا كَذَلِك فَلَا يتَقَدَّم أَحدهمَا على الآخر فِي الْوُجُود وَإِذا لم يَصح ذَلِك فَلَا يكون أَحدهمَا أصلا للْآخر فَإِن أَرَادَ هَذَا الْقَائِل التَّقَدُّم فِي الذِّهْن فالعلم هُوَ الْمُتَقَدّم فِي الذِّهْن لِأَنَّهُ لَا يَصح فعل اخْتِيَاري من غير عَالم فَإِن الْعلم شَرط الإيجاد وَالشّرط مُتَقَدم فِي الذِّهْن على فَعلم ويتحقق هَذَا الْمَعْنى على الْقطع عِنْد من عرف الْفرق بَين الْعلم الْمَشْرُوط بِالضَّرُورَةِ وَكَذَلِكَ نقُول علم زيد فَقدر وَلَا نقُول قدر الفعلى والإنفعالي وَلَو عكستم مَا ذكرْتُمْ فسميتم الْعلم أَبَا وَالْقُدْرَة ابْنا لَكَانَ أَحَق بذلك وَأولى
ثمَّ نقُول لأي شَيْء صرتم إِلَى الْجَامِع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز هُوَ الَّذِي ذكرْتُمْ وَبِمَ تنكرون على من يزْعم أَن هُنَالك وَجها آخر لم تطلعوا عَلَيْهِ ثمَّ تحكمتم بِتَعْيِين هَذَا الْوَجْه الَّذِي ذكرْتُمْ
ثمَّ نقُول أَنْتُم قاطعون بِتَعْيِين هَذَا الْوَجْه الَّذِي أبديتم أَو غير قاطعين فَإِن زَعَمُوا أَنهم قاطعون فَمَا مُسْتَند قطعهم فَلَا بُد من إبدائه وَلَا شكّ فِي أَنهم يَجدونَ فِي هَذَا الْمَعْنى نصا قَاطعا فَإِن زَعَمُوا أَنهم لَيْسُوا بقاطعين فقد اعْتَرَفُوا بِأَنَّهُم شاكون فِي إعتقادهم وَقد كفونا مُؤنَة الْكَلَام مَعَهم فَإِنَّهُم أسندوا إعتقاداتهم إِلَى الشَّك وَكفى بذلك زورا وإفكا ثمَّ يلْزمهُم على تَسْلِيم مَا ذَكرُوهُ من الْجَامِع الَّذِي أبدعون أَن يكون الْبَارِي تَعَالَى وتنزه وتقدس أَبَا لكل الْمَخْلُوقَات إِذْ هُوَ أصل كل المحدثات أَي موجدها ومخترعها
وَأما قَوْلك فَجعل هَذِه الْأَسْمَاء ثَلَاثًا فيفهم مِنْهُ أَن هَذِه الثَّلَاثَة لأقانيم الَّذِي تقدم ذكرهَا مجعولة وَأَن الله تَعَالَى هُوَ الَّذِي جعلهَا

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست