responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 454
كَانُوا مرتهنين بِمَعْصِيَة أَبِيهِم حَتَّى فداهم الْمَسِيح بِنَفسِهِ بل لم يتَصَوَّر عِنْدهم عَفْو الله حَتَّى انتقم من إِلَه مثله تَعَالَى الله وتقدس عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا
فعلى هَذَا نقُول لَهُم لَا يَخْلُو الْعَفو من أَن يكون هُوَ الأولى مُطلقًا أَو الإنتقام هُوَ الْأَفْضَل أَو الْحَالة الثَّالِثَة فَإِن كَانَ الْعَفو هُوَ الأولى فَلم لم يعف الله تَعَالَى عَن آدم من غير أَن يُعَاقِبهُ وبنيه على مَا زعمتم وَإِن كَانَ الإنتقام هُوَ الأولى فَلم لم ينْتَقم من آدم وبنيه مُطلقًا
فَلم يبْق على هَذَا إِلَّا أَن الأولى هُوَ الْحَالة الثَّالِثَة وَهُوَ الإنتقام فِي حَال من مُسْتَحقّه وَالْعَفو فِي حَال أُخْرَى عَن مُسْتَحقّ الْعقَاب تفضلا وتكرما حسب مَا يُريدهُ الْبَارِي تَعَالَى
وعَلى هَذَا الْمِنْهَاج السديد وَالْأَمر الرشيد جَاءَت شريعتنا فَهِيَ كَامِلَة متممة والحمدلله ثمَّ إِذا كَانَ الْعَفو هُوَ الأولى وَالْأَفْضَل وَبِه جَاءَت شريعتكم فلأي معنى تتركون شريعتكم الأولى
فقد اعترفتم بألسنتكم وتناقضتم بأفعالكم وَكم لكم مِنْهَا وَكم
وَأما إعتراضه على شرعنا بتحليل نِكَاح الْكثير من النِّسَاء فَذَلِك مَالا يَنْبَغِي أَن يُنكره أحد من الْعُقَلَاء فَإِنَّهُ من مجوزات الْعُقُول وَقد ورد بذلك الشَّرْع الصَّادِق الْمَنْقُول ثمَّ قد ورد عَن جمَاعَة من الرُّسُل وَقد جَاءَت بذلك الْكتب ألم يَجِيء فِي التَّوْرَاة أَن إِبْرَاهِيم كَانَت لَهُ سارة وَهَاجَر وَكَذَلِكَ ورد فِيهَا أَن يَعْقُوب جمع بَين أُخْتَيْنِ ليئة وراحيل وَقد ثَبت أَيْضا أَن سُلَيْمَان كَانَت لَهُ مائَة إمرأة أَو تِسْعَة وَتسْعُونَ بل قد روى فِي الْإسْرَائِيلِيات أَنه كَانَ لَهُ ثَلَاث مائَة إمرأة حرَّة وَسبع مائَة سَرِيَّة
فَإِن كَذبْتُمْ شرعنا لأجل أَنه اشْتَمَل على جَوَاز نِكَاح نسَاء كَثِيرَة فلتكذبوا بنبوة إبراهم وَيَعْقُوب وَسليمَان وَلَا فرق بَين نَبينَا وَبَين هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُم رَسُول الله يبلغ

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 454
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست