responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 44
الأغمار وَيحصل بذلك على مآكله شنار {فويل لَهُم مِمَّا كتبت أَيْديهم وويل لَهُم مِمَّا يَكْسِبُونَ} وليته إِذا ادّعى النّظر سلك طَرِيقه وألتزم شُرُوطه فاعترف بالبديهيات وَلم ينظر الضروريات الَّتِي هِيَ أصُول النظريات وَلَكِن حل من عُنُقه ربقة الْعُقُول فَهُوَ فِي كل جَهَالَة يجول وإليها يَدْعُو وَبهَا يَقُول فليته لَو دفن من عواره مَا كَانَ مسطورا وَلَكِن كَانَ ذَلِك عَلَيْهِ فِي الْكتاب مسطورا ... وَإِن لِسَان الْمَرْء مَا لم تكن لَهُ
حَصَاة على عوراته لدَلِيل ...

فاستخرت الله تَعَالَى فِي جَوَابه على تَخْلِيط مَعَانِيه وتثبيج خطابه بعد أَن أَقُول لَهُ اعْلَم يَا هَذَا إِن الْبُغَاة بأرضنا لَا تستنسر والتمييز عندنَا بَين الْفضة والقصة متيسر وَهَا أَنا إِن شَاءَ الله تَعَالَى أجاوبك على مَا كتبت حرفا حرفا وَأبين فَسَاده الَّذِي لَا يكَاد يخفى على أَنهم لَو فتح عَلَيْهِم بَابا من السَّمَاء {فظلوا فِيهِ يعرجون لقالوا إِنَّمَا سكرت أبصارنا بل نَحن قوم مسحورون} فَكيف لَا وَقد ركبُوا من اسْتِحَالَة الإتحاد والتثليث والحلول مَا يدْرك فَسَاده بضرورة الْعُقُول وَقد قَالُوا فِي الآب والإبن والأقانيم مَا تمجه بفطرته الأولى كل ذِي فهم مُسْتَقِيم وَلَا يَتَّسِع لقبوله قلب ذِي عقل سليم ... وَمن كَانَ اللعين لَهُ لِسَانا
فَكل جداله زور ونكر
فَكل مقالهم إفْك وزيغ
وَنَصّ كِتَابهمْ شرك وَكفر ...

وَمن أعظم مَا ظهر عَلَيْهِم من الْفَاسِد فصرفوا لذَلِك عَن التَّوْفِيق والرشاد إنكارهم مَا يدل على نبوة نَبينَا من المعجزات وواضح الدلالات وَقد قاربت الضرورات حَتَّى أَنْكَرُوا مَا جَاءَ فِي كتبهمْ من الْإِعْلَام على نبوته وَإِيجَاب إتباع شَرِيعَته فَلَقَد كانو يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم ويعرفونه كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم وسأذكر إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَا وَقع فِي أَنَاجِيلهمْ من وَصفه وصحيح نَعته وَلما تبين للعقلاء عنادهم سقط لذَلِك إرشادهم وَوَجَب حملهمْ على السَّيْف وجهادهم فقد يفعل الله بِالسَّيْفِ وَاللِّسَان مَا لَا يفعل بالبرهان وَمن كَلَام الْحُكَمَاء يزغ الله بالسلطان مَالا يزغ بِالْقُرْآنِ فَأَعْرض الْعُقَلَاء عَنْهُم

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 44
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست