responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 428
مَعَ أَنهم متعبدون بأحكامها إِذْ الْأَحْكَام فِي الْإِنْجِيل قَليلَة جدا وَلم يتْركُوا لآرائهم حَتَّى يتحكموا بأهوائهم ثمَّ إِنَّهُم يتحكمون بآرائهم فَإِن اتّفق لَهُم شَيْء يتمسكون بِهِ كَانَ ذَلِك مؤكدا لأغراضهم وَإِن لم يتَّفق لَهُم ذَلِك استغنوا عَنهُ وحكموا بأغراضهم وَيبين هَذَا أَنهم استثقلوا العجول والجزر والخرفان لارْتِفَاع أثمانها وَأَنه لَا يُوجد فِيهَا مَا يُوجد فِي الْخمر من اللَّذَّة والطرب الداعين إِلَى شربهَا
وَلذَلِك عدلوا للخمر مَعَ خفَّة مؤنتها وَقلة ثمنهَا فَإِنَّهُم أَشد النَّاس بخلا فَإِن قيل لَهُم بِأَيّ شَيْء عدلتم عَن قرْبَان التَّوْرَاة قَالُوا لِأَن ملكي صَادِق أول من قرب الْخمر وَالْخبْز وَلِأَن الْمَسِيح قَالَ من أكل لحمي وَشرب دمي كَانَ فِي وَأَنا فِيهِ وَلِأَن الحواريين فرضوا هَذَا القربان
هَذَا غَايَة مَا يحتجون بِهِ وَلَا بُد من تتبع ذَلِك وَبَيَان تحكمهم وباطلهم فَنَقُول
أما قَوْلكُم بِفعل ملكي صَادِق فَبَاطِل من أوجه
أَحدهَا
أَنه لم يكن نَبيا فَإِن ادعيتم أَنه نَبِي فَلَا بُد من الدَّلِيل على ذَلِك فَعَلَيْكُم إثْبَاته وَلَو سلم ذَلِك لتبقى عَلَيْكُم أَن تثبتوا أَن شَرعه شرع لكم وَلَو سلم أَن شَرعه شرع لكم لَكَانَ يَنْبَغِي أَن تعلمُوا أَن التَّوْرَاة قد نسخت ذَلِك الشَّرْع إِذْ قد اسْتَقر أَن مُوسَى عمل بِخِلَافِهِ وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء بعده وَلَو كَانَ ذَلِك الحكم بَاقِيا صَحِيحا لما كَانَ يَنْبَغِي لمُوسَى أَن يعدل عَنهُ وَلما جَاءَكُم بِغَيْرِهِ فترككم التَّوْرَاة الَّتِي أَنْتُم مخاطبون بأحكامها وشرعها إِلَى مالم تخاطبوا بِهِ وَلَا شرع لكم إستهانة بشرع التَّوْرَاة وأحكامها بل إستخفاف بِالَّذِي أنزلهَا وَبِالَّذِي أنزلت عَلَيْهِ فقد بَطل إستدلالكم بِفعل ملكي صَادِق من أوجه
وَأما استدلالكم بقول عِيسَى فهذيان لَا يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ من عمل بعملي أَو تعلم من علمي أحببته وأحبني وَمَا ذكره مثل محسوس قصد بِهِ التَّنْبِيه على معنى مَعْقُول وَدَلِيل ذَلِك من قَوْله قَوْله أَنا الْخبز النَّازِل من السَّمَاء انما اراد أَنه بِمَنْزِلَة الْخَبَر الَّذِي يغتذي بِهِ لِأَنَّهُ قد جَاءَ بغذاء الْأَرْوَاح

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 428
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست