responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 417
نَفسه بإعتبار مَا حل فِيهِ مِنْهُ فَلم يرض من عُقُوبَة الذَّنب الَّذِي جناه آدم حَتَّى عاقب نَفسه أَو ابْنه فَأنْتم فِي هَذَا القَوْل الوقاح والإفك الصراح بِمَنْزِلَة رجل أَخطَأ عَلَيْهِ عَبده فبقى بعد مُدَّة غاضبا عَلَيْهِ وعَلى غَيره من عبيده نَاوِيا على معاقبتهم حَتَّى ولد لنَفسِهِ ولد فَعمد إِلَيْهِ فَقتله بذنب العَبْد الَّذِي كَانَ أذْنب ثمَّ لم يقنع بذلك حَتَّى ضرب نَفسه ولامها وأهانها على مَا صنع عَبده مَعَ أَنه قد كَانَ مُتَمَكنًا من أَن يغْفر لعَبْدِهِ وَلَا يفعل هَذَا بولده وَلَا بِنَفسِهِ فَأَي تشف يحصل لَهُ مِمَّا فعل بل يحصل لَهُ كل ألم وَنقص وخلل مثل السَّفِيه الأحمق الْجَاهِل بل يزِيدهُ ذَلِك فِي كربته وَيَدْعُو إِلَى دوَام حزنه وحسرته
ويلزمكم على ذَلِك أَن يكون الله تَعَالَى لم يتب على آدم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَّا بعد أَن صلب الْمَسِيح وَبِذَلِك تَكْذِيب كتب الْأَنْبِيَاء فَإِنَّهَا تقتضى أَن آدم بَكَى على خطيته ودعا الله تَعَالَى حَتَّى تَابَ عَلَيْهِ واجتباه ويلزمكم أَيْضا عَلَيْهِ أَن يكون نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَمَا بَينهم من النَّبِيين عصاة بذنب آدم حَتَّى صلب عِيسَى وَحِينَئِذٍ غفر لَهُم
وَقد صرح بعض أقستكم لَعنه الله أَن آدم وَجَمِيع وَلَده إِلَى زمَان عِيسَى كَانُوا كلهم ثاويين فِي الْجَحِيم بخطيئة أَبِيهِم حَتَّى فداهم عِيسَى بهرق دَمه فِي الْخَشَبَة فَلَمَّا صلب نزل جَهَنَّم وَأخرج مِنْهَا جَمِيعهم إِلَّا يهوذا الأشكريوث
فَانْظُر هَل يستجرئ مَجْنُون موسوس على أَن يَقُول أَن نوحًا وَإِبْرَاهِيم الْخَلِيل ومُوسَى الكليم وَمن بَينهم من النَّبِيين مثل يَعْقُوب وَإِسْحَق وَغَيرهمَا من الْأَبْنَاء صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ كلهم فِي نَار الْجَحِيم وَالْعَذَاب الْأَلِيم وَفِي السخط الْعَظِيم حَتَّى صلب الْإِلَه نَفسه وإبنه
فَانْظُر هَل سبّ الْأَنْبِيَاء بأقبح من هَذِه الشتائم أَو هَل تجرأ أحد قطّ أَن يَقُول على الله وعَلى رسله مثل هَذِه العظائم فسبحان الْحَلِيم الَّذِي يمهلكم والكريم الَّذِي يرزقكم وَلَكِن إِنَّمَا يعجل من يخَاف الْفَوْت أَو يجزع من الْمَوْت {وَيَوْم الْقِيَامَة ترى الَّذين كذبُوا على الله وُجُوههم مسودة أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مثوى للمتكبرين}

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست