responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 380
تعلم أَن الْمُتَوَاتر ضَرْبَان ضرب يتواتر لَفظه وَمَعْنَاهُ وَذَلِكَ مثل قَوْله تَعَالَى {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} فَإِن هَذَا اللَّفْظ نعلم قطعا ويقينا أَن نَبينَا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه كَمَا تلوناه من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان إِذْ قد نَقله عَنهُ الجم الْغَفِير عَن الجم الْغَفِير فَلَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ وَجه من وُجُوه الشَّك فَلَا يقدر أحد أَن يتشكك فِي لَفظه وَلَا فِي مَعْنَاهُ وَكثير من معجزات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُتَقَدّمَة الذّكر من هَذَا الْقَبِيل فَهَذَا هُوَ الضَّرْب الأول
وَأما الضَّرْب الآخر وَهُوَ متواتر مَعْنَاهُ دون لَفظه فَيحصل الْعلم أَيْضا بذلك الْمَعْنى وَذَلِكَ مثل أَن تتوارد رِوَايَات كَثِيرَة من أَخْبَار الْآحَاد الصِّحَاح على معنى وَاحِد بِأَلْفَاظ مُتَغَايِرَة وحكايات مُخْتَلفَة مِثَال ذَلِك أَنا نجد من أَنْفُسنَا علما قَطْعِيا بشجاعة على بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَإِذا نَظرنَا فِي الْخَبَر الَّذِي حصل لنا الْعلم بشجاعته لم نجده خَبرا وَاحِدًا متواترا وَإِنَّمَا وَجَدْنَاهُ جملَة أَخْبَار آحَاد تواردت على معنى وَاحِد وَهُوَ الشجَاعَة فَتسمع عَنهُ يَوْمًا أَنه فعل يَوْم خَيْبَر كَذَا وَفعل يَوْم حنين كَذَا وَيَوْم صفّين كَذَا وَيَوْم الْجمل كَذَا فَلَا تزَال أَخْبَار الْآحَاد تكْثر حَتَّى يضْطَر السَّامع إِلَى الْعلم بمخبرها وَلَا يقدر على تشكيك نَفسه فِي شَيْء مِنْهَا وَهَذَا مَسْلَك فِي تَحْصِيل الْعلم إِذا تفقده الْعَاقِل الْمنصف من نَفسه وجده مُفِيدا للْعلم ومحصلا لَهُ ضَرُورَة وَمن أنكر حُصُول الْعلم مِنْهُ كَانَ مُنْكرا لما هُوَ ضَرُورِيّ
فَإِذا ثَبت هَذَا قُلْنَا بعده إِن مَا نَقَلْنَاهُ من معجزات نَبينَا عَلَيْهِ السَّلَام مِنْهَا مَا تَوَاتر لَفظه وَمَعْنَاهُ كإنشقاق الْقَمَر وَغَيره وَمِنْهَا مَا تَوَاتر مَعْنَاهُ وَهُوَ أَكثر مَا احتوت عَلَيْهِ الْفُصُول الْمُتَقَدّمَة وَذَلِكَ أَن كل فصل مِنْهَا اشْتَمَل على معنى وَاحِد وَكَثُرت الْأَخْبَار عَن ذَلِك الْمَعْنى حَتَّى أضطر الْوَاقِف عَلَيْهَا إِلَى الْعلم بمعناها وَذَلِكَ مثل نبع المَاء من بَين أَصَابِعه وتكثير المَاء الْقَلِيل وَالطَّعَام الْقَلِيل إِلَى غير ذَلِك من الْفُصُول فَكل فصل مِنْهَا قد تَوَاتر مَعْنَاهُ وَإِن لم تتواتر آحَاد أَلْفَاظه

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 380
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست