responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 306
مَا قَالَه عمر فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار يَا رَسُول الله أنْفق وَلَا تخف من ذِي الْعَرْش إقلالا فَتَبَسَّمَ وَعرف بشر ذَلِك القَوْل فِي وَجهه وَقَالَ بِهَذَا أمرت
وَلَقَد كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل الْهَدِيَّة وَإِن لم يحْتَج إِلَيْهَا ويثيب عَلَيْهَا بأضعافها روى أَن معَاذ بن عفراء أهْدى للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طبقًا فِيهِ رطب وقثاء فَأعْطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملْء كَفه ذَهَبا وحليا وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدّخر شَيْئا لغده لنَفسِهِ وَقد ثَبت عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول مَا يسرني أَن عِنْدِي مثل أحد ذَهَبا يمْضِي على ثَالِثَة وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارا إِلَّا شَيْئا أرصده لدين وَمَا سيق لَهُ قطّ شَيْء يقسم ذَهَبا كَانَ أَو غَيره إِلَّا أَمر بقسمه وَلم يبت عِنْده
وَهَكَذَا كَانَ الْمَعْرُوف من خلقه قبل مبعثه وَكَانَ هَذَا مَعْرُوفا عِنْد قومه الَّذين نَشأ فيهم حَتَّى لقد قَالَ لَهُ ورقة بن نَوْفَل وَكَانَ امْرَءًا تنصر وَقَرَأَ الْكتب العبرانية وَكَانَ قد تفطن واستشعر بنبوته عَلَيْهِ السَّلَام لما رأى من العلامات الَّتِي علمهَا من الْكتب الْمُتَقَدّم فَقَالَ لَهُ إِنَّك لتحمل الْكل وتقري الضَّيْف وتكسب الْمَعْدُوم وَتعين على نَوَائِب الْحق
وَهَذَا كُله من أخلاقه مَعْرُوف حَاصِل لَا يتمارى فِيهِ منصف عَاقل
وَأما وفاؤه بالعهد
فَلَا يتمارى فِيهِ إِلَّا خسيس وغد فقد كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحفظ النَّاس بِعَهْد وأوفاهم بميثاق ووعد وَأَحْسَنهمْ جوارا وأصدقهم قولا وأخبارا روى عَن عبد الله ابْن أبي الحمساء أَنه قَالَ بَايَعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبيع قبل أَن يبْعَث وَبقيت لَهُ بَقِيَّة فوعدته أَن آتيه بهَا فِي مَكَانَهُ فنسيت ثمَّ ذكرت بعد ثَلَاث فَجئْت فَإِذا هُوَ فِي مَكَانَهُ فَقَالَ يَا فَتى لقد شققت عَليّ أَنا هَا هُنَا مُنْذُ ثَلَاث أنتظرك وَذَلِكَ لِلْمِيعَادِ الَّذِي كَانَ بَينهمَا وَكَانَ الْمَعْلُوم من سيرته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يعْقد العهود والمواثيق بَينه وَبَين عداته وَغَيرهم فيفي بهَا ويؤذنهم بإنقضائها عِنْد تَمامهَا وَلم يغدر قطّ فِي شَيْء مِنْهَا وَلَقَد كَانَ هَذَا مَعْرُوفا عِنْد أعدائه كَمَا هُوَ مَعْرُوفا عِنْد أوليائه

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست