responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 304
وَالْأَخْبَار فِي هَذَا أَكثر من أَن يُحِيط بهَا هَذَا الْكتاب
وَأما زهده
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقَد كَانَ أزهد النَّاس وأورعهم وحسبك شَاهدا على ذَلِك مَا علم من حَاله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ أَنه أعرض عَن الدُّنْيَا وزهرتها وَلم يلْتَفت إِلَى شَيْء مِنْهَا مَعَ إقبالها عَلَيْهِ وسياقتها إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَن الدُّنْيَا سيقت إِلَيْهِ بحذافيرها وترادفت عَلَيْهِ فتوحها وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا يعرج عَلَيْهَا وَلَا يلْتَفت إِلَيْهَا إِلَى أَن مَاتَ وَدِرْعه مَرْهُونَة عِنْد يَهُودِيّ فِي نَفَقَة عِيَاله وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُول اللَّهُمَّ اجْعَل رزق آل مُحَمَّد قوتا وَيَقُول اللَّهُمَّ أحييني مِسْكينا وأمتني مِسْكينا وأحشرني فِي جملَة الْمَسَاكِين وَلَقَد صحت الْأَخْبَار عَنهُ أَنه مَا شبع ثَلَاثًا تباعا حَتَّى مضى لسبيله وَلَقَد روى أَنه مَا شبع من خبز الشّعير يَوْمَيْنِ متواليين وَمَا ترك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِينَارا وَلَا درهما وَلَا شَاة وَلَا بَعِيرًا وَمَا ترك إِلَّا بغلته وسلاحه وأرضا جعلهَا صَدَقَة وَكَانَ يَقُول مَا أحب أَن لي مثل أحد ذَهَبا يمْضِي ثَالِثَة وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارا إِلَّا شَيْئا أرصده لدين وَلَقَد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرض على رَبِّي أَن يَجْعَل لي بطحاء مَكَّة ذَهَبا قلت لَا يَا رب بل أجوع يَوْمًا وَأَشْبع يَوْمًا فَإِذا جعت تضرعت إِلَيْك ودعوتك وَإِذا شبعت شكرتك وحمدتك وَلَقَد حكى عَنهُ جمَاعَة من أَصْحَابه أَنه كَانَ يبيت هُوَ وَعِيَاله اللَّيَالِي المتتابعة طاويا لَا يَجدونَ عشَاء وَقَالَ أنس خادمه مَا أكل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خوان وَلَا فِي سكرجة وَلَا خبز لَهُ مرقق وَلَا رأى شَاة عبيطا قطّ
وَدخل عَلَيْهِ عمر بن الْخطاب فَوَجَدَهُ مُضْطَجعا على رمل حَصِير قد أثر فِي جنبه قَالَ عمر فَنَظَرت فِي بَيته فَلم أر فِيهِ شَيْئا فَبَكَيْت لما رَأَيْت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحَاجة والفاقة فَقَالَ مَا شَأْنك يَا ابْن الْخطاب فَقلت يَا رَسُول الله ذكرت كسْرَى وَقَيْصَر وَمَا أعطاهما الله تَعَالَى فَقَالَ أَفِي شكّ أَنْت يَا ابْن الْخطاب أما ترْضى أَن تكون لَهما الدُّنْيَا وَلنَا الْآخِرَة وَقَالَت عَائِشَة لم يمتلئ جَوف نَبِي الله شبعا قطّ وَلم يبث شكوى إِلَى أحد وَكَانَت الْفَاقَة أحب إِلَيْهِ من الْغناء وَإِن كَانَ ليظل جائعا يلتوي طول ليله من الْجُوع فَلَا يمنعهُ صِيَام يَوْمه وَلَو شَاءَ سَأَلَ ربه كنوز جَمِيع الأَرْض وثمارها ورغد عيشها

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 304
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست