responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 221
نبوة من قَامَت الْأَدِلَّة القاطعة على صدقه من حَيْثُ أَنه حكم بِشَيْء يَصح فِي الْعقل أَن يُوجد
ثمَّ من الْعجب العجاب الَّذِي يستعظمه أولو الْأَلْبَاب أَنكُمْ إلتزمتم فِي شرعكم بِمَا يشْهد الْعقل الأول بفساده مثل قَوْلكُم فِي الأقانيم أَنَّهَا آلِهَة ثَلَاثَة إِلَه وَاحِد وقلتم فِي الإتحاد والحلول مَا يعلم فَسَاده بضرورة الْعُقُول ثمَّ لم ينفركم ذَلِك عَن إتباع شرعكم بل يَقُول من يُمَيّز إستحالة ذَلِك القَوْل مِنْكُم هَذَا مِمَّا لَيْسَ يدْرك بالعقول بل يتبع فِيهِ الْكتاب الْمَنْقُول ثمَّ بعد إلتزام هَذِه المحالات والمدافعة عَنْهَا بالترهات والخرافات تنكرون علينا فعل شَيْء تجوزه الْعُقُول وَلم تصر إِلَيْهِ إِلَّا بعد ثُبُوت الشَّرْع الْمَنْقُول الَّذِي دلّ على صِحَّته الْبُرْهَان الْمَعْقُول فَأنْتم من الْجَهْل والزلل كَمَا جرى من كَلَام النُّبُوَّة مجْرى الْمثل يبصر أحدكُم القذاة فِي عين أَخِيه وَلَا يبصر الْجذع فِي عينه وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك كُله للمعنى الَّذِي نبه الشَّاعِر عَلَيْهِ هُنَالك ... عُيُون الرِّضَا عَن كل عيب كليلة ... وَلَكِن عين السخط تبدي المساويا ...

فَلَو وفقتم لطريق الْإِنْصَاف لتركتم طَرِيق التعصب والإعتساف وَلَو كُنْتُم تطلبون الْحق بدليله لَأَوْشَكَ أَن يرشدكم إِلَى سَبيله وَلَكِن من حرم التَّوْفِيق استدبر الطَّرِيق وَنكل عَن التَّحْقِيق
وَإِن ادعيت أَن ذَلِك مَمْنُوع من جِهَة الشَّرْع فَنَقُول لَك إِمَّا أَن يكون مَمْنُوعًا من جِهَة الشَّرَائِع كلهَا أَو من بَعْضهَا فَإِن قلت إِنَّه مَمْنُوع من جِهَة الشَّرَائِع كلهَا كَانَ ذَلِك بَاطِلا إِذْ الشَّرَائِع فِي ذَلِك مُخْتَلفَة فَإِن الْمَعْلُوم من شرع التَّوْرَاة فِي ذَلِك خلاف شرعكم وَكفى دَلِيلا على أَن التَّوْرَاة تخالفكم فِي ذَلِك أَو الْكَلَام الَّذِي حكيته عَن الْمَسِيح أَنه قَالَ أما علمْتُم أَنه قيل للقدماء من طلق إمرأته فليكتب لَهَا كتاب طَلَاق وَأَن أَقُول من طلق إمرأته فقد جعل لَهَا سَبِيلا إِلَى الزِّنَى فَهَذَا تَصْرِيح بَين مَا أنكرته علينا وتنقصت بِهِ شرعنا وكما جَازَ أَن يُخَالف عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بعض أَحْكَام التَّوْرَاة وَلَا يدل ذَلِك على كذبه وَلَا على فَسَاد شَرعه كَذَلِك يجوز أَن يُخَالف شرعنا

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 221
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست