responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 192
بسلامتها أَنَّهَا لم تقر على مَا تلقيت من مُوسَى بل زيد فِيهَا مالم يتلق عَن مُوسَى مثل الَّذِي حكيناه من ذكر وَفَاته وحزن بني إِسْرَائِيل وحكاية قَول كلم الله مُوسَى وَهَذَا يعلم مِنْهُ على الْقطع أَن الله لم يقلهُ لمُوسَى وَلَا مُوسَى قَالَه عَن نَفسه يعلم ذَلِك من وقف عَلَيْهِ وتتبعه بضرورة مساق الْكَلَام وَلَا بُد
فَالَّذِي زَاد ذَلِك لَعَلَّه الَّذِي وَقع الْخلَل من جِهَته
وَأما مَا ذكرْتُمْ من حكم الْأَنْبِيَاء بهَا فَلَيْسَ فِيهِ حجَّة لِإِمْكَان أَن تنازعوا فِي قَوْلكُم كَانُوا يحكمون بهَا بل لَعَلَّهُم كَانُوا يحكمون بِمَا كَانَ الله يعلمهُمْ بِمَا يُوَافق شَرِيعَة مُوسَى وَلَا يُخَالِفهَا
وَلَو سلمنَا أَنهم كَانُوا يحكمون بهَا فَنَقُول كل شَيْء حكم بِهِ الْأَنْبِيَاء من التَّوْرَاة فَلَيْسَ بمحرف وَأما مَا لم يحكموا بِهِ مِنْهَا فَلَعَلَّهُ الَّذِي حرف مثل الْأَخْبَار الَّتِي حكيناها ونحكيها إِن شَاءَ الله تَعَالَى
فَإِن قيل فَيلْزم مِنْهُ أَن يقر الْأَنْبِيَاء على الْخَطَأ ويتحدثوا بِالْكَذِبِ فَإِنَّهُم كَانُوا يتحدثون بهَا قُلْنَا لَيْسَ بكاذب من حكى شَيْئا يعْتَقد صِحَّته لَا يتَعَلَّق بِهِ حكم الله تَعَالَى وَإِن كَانَ ذَلِك الْخَبَر فِي نَفسه مُخَالفا لما فِي الْوُجُود فَإِنَّهُ إِنَّمَا يحْكى عَن إعتقاده وَهُوَ حق وَإِنَّمَا الْكَاذِب الَّذِي يخبر عَن الشَّيْء بِخِلَاف مَا هُوَ عَلَيْهِ من الْعلم بذلك وَهُوَ حد الْكَذِب عندنَا وَحَقِيقَته
وَهَذَا إِنَّمَا يجوز فِي حِكَايَة الْأَخْبَار الَّتِي لَا يتَعَلَّق بهَا حكم وَأما مَا تعلق بِهِ حكم مِنْهَا فَلَا يجوز ذَلِك إِذْ الْأَنْبِيَاء معصومون فِيمَا يبلغونه من الْأَحْكَام عَن الله تَعَالَى وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا حذرا من أَن ننسب إِلَى الله تَعَالَى مَا لَا يَلِيق بجلاله أَن ينزله فِي كِتَابه وَلَا أَن يُنَاجِي بِهِ صفوة أحبابه من الْفَوَاحِش والفجور الَّتِي حكوها فِي التَّوْرَاة وَادعوا أَنه فِيهَا مسطور مَعَ أَنه لَيْسَ فِي ذكرهَا فَائِدَة بل هِيَ بِكُل ضَلَالَة عَائِدَة
وَكَذَلِكَ تنزه مُوسَى والأنبياء بعده صلوَات الله عَلَيْهِم عَن ذَلِك الْكَلَام الغث الركيك الَّذِي لَو حكى مثله عَن بعض السفلة لأنف مِنْهُ واستحى مِنْهُ وَلما كَانَ يَنْبَغِي لعاقل أَن يلْتَفت ويصغى إِلَيْهِ ولكان يجب عَلَيْهِ أَن يعرض عَنهُ وينكره إِذا سَمعه هَذَا إِذا كَانَ محكيا عَن

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست