responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 163
الْقسم الأول
الْفَصْل الأول
احتجاج أَصْحَاب الْملَل
فِي حِكَايَة كَلَامه
قَالَ إبتداء احتجاج الثَّلَاث ملل بعون الله
أعلم أَن أهل الْملَل أَجْمَعِينَ متكافئون فِي إدعاء الْإِيمَان حاكمون على كل قوم لأَنْفُسِهِمْ بِالْإِيمَان ولغيرهم بالْكفْر قد غلبت عَلَيْهِم فِي ذَلِك الغواية وتأديب الصِّبَا وَوَصِيَّة الْآبَاء والأجداد حَتَّى صَار ذَلِك طبعا فيهم لَازِما لَهُم فكلهم قد سهل عَلَيْهِم انتقاص غَيرهم وطاب عِنْدهم دينهم بالتهنية فِي دنياهم عَن معاد آخرتهم وصاروا فِي تَدْبِير دنياهم ومعايشهم على خلاف ذَلِك لِأَنَّك تَجِد أهل كل مِلَّة يَزْعمُونَ أَن غَيرهم من الْملَل ألحف على كل طلب مَعَايشهمْ وألطف فِي إستجلاب أَرْزَاقهم
وأحسب أَن الْعلَّة فِي ذَلِك رغبتهم فِي التكاثر من الدُّنْيَا وَهِي الَّتِي تدخلهم إِلَى التحاسد والمعايرة فيعجز كل قوم أنفسهم فِي طلب معاشهم وَأَن الْآخِرَة عِنْدهم مُهْملَة لبعدها عَن حواسهم
فَلذَلِك يزْعم أهل كُله مِلَّة أَنهم أَحَق خيرا من غَيرهم فَلذَلِك قل تناصفهم فِيهَا وَإِن طَال عصرهم لِأَن كل قوم قد قلدوا سلفهم وطاب عِنْدهم خبرهم فِي مدح دينهم وذم غَيرهم فأسقط الرجل مِنْهُم كل حاسة وأمات خواطره وأذهب فهمه بِقطع كشفه عَن مصَالح مَا يستقبله من خَبره وإستعماله إِيَّاه بِمَا هُوَ مُدبر عَنهُ من دُنْيَاهُ
ولتجدن الرجل من كل مِلَّة يروم شِرَاء خرقَة يرقع بهَا ثَوْبه أَو شركَة لنعله فتراه يستجير ويستشير خوف السقطة والغلط
ثمَّ إِذا صَار إِلَى كشف دينه ومعاده أكتفى فِيهِ بتقليد سلفه ثمَّ لَا يبالى بِدَلِيل من خَالف مِلَّته وينتقص كل خَارج عَن دينه

اسم الکتاب : الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 163
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست